فضيّق ابن الزبير على ابن الحنفية :
اعتزل ابن الحنفية تمرّد المدينة على يزيد وبني اميّة ، ولجأ إلى جوار بيت الله الحرام هو وأهله وبقايا بني هاشم ، وطمع ابن الزبير في بيعتهم له فكرهوا البيعة لمن لم تجتمع عليه الأمّة كما قالوا.
ولعلّ رسل ابن الزبير وعيونه أخبروه بأخبار المختار عن ابن الحنفية ورسله وكتبه واحتساب جيش المختار إلى تلك الديار على ابن الحنفية ، وعدم مقاطعته وتبرّيه من المختار جهارا ، بل مراجعة سبعة عشر رجلا من وجوه أهل الكوفة إلى ابن الحنفية دون ابن الزبير ؛ لذلك حبس ابن الحنفية ومن معه من أهل بيته واولئك السبعة عشر رجلا من وجوه أهل الكوفة ، في حظيرة زمزم ، وتوعّدهم بالقتل والإحراق! وأعطى الله عهدا إن لم يبايعوا أن ينفّذ فيهم ما توّعدهم به وضرب لهم أجلا لذلك ، وجعل عليهم حرّاسا يحرسونهم.
فأشار بعض من كان مع ابن الحنفية عليه : أن يبعث إلى المختار ومن بالكوفة رسولا يعلمهم حاله ومن معه وما توعّدهم به ابن الزبير. ونام الحرّاس على باب زمزم ، فكتب ابن الحنفية كتابا إلى المختار وأهل الكوفة يعلمهم حاله وحال من معه وما توعّدهم به ابن الزبير من القتل والحرق بالنار! ويسألهم أن لا يخذلوه ـ كما خذلوا الحسين وأهل بيته عليهمالسلام ـ واختار لذلك ثلاثة نفر من الكوفيّين معه فأرسلهم بالكتاب في نومة الحرّاس.
وأفلت هؤلاء حتّى قدموا على المختار فدفعوا إليه الكتاب ، وحيث أضمر الكتاب السابق ولم يبده لهم أظهر هذا وقرأه عليهم مجتمعين وقال : هذا كتاب «مهديّكم وصريح أهل بيت نبيّكم» وقد تركوا محضورا عليهم كما يحظر على الغنم! ينتظرون القتل والتحريق بالنار في أناء الليل وتارات النهار! ولست أبا إسحاق إن لم أنصرهم نصرا مؤزّرا ، وإن لم اسرّب إليهم الخيل