فلمّا قرئ الكتاب على أهل المدينة بدر عبد الله بن المطيع العدوي القرشي بكلام قبيح وأيّده رجال آخرون.
وأمّل يزيد في وساطة عبد الله بن جعفر وكان عنده ، فأرسل إليه وقال له : إنّ ابن الزبير حيث علمت من مكّة ، وهو زعم أنّه قد نصب الحرب ، فأنا أبعث جيوشا وآمر صاحب أوّل جيش أبعثه أن يتّخذ المدينة طريقا ، فإن نزعوا عن غيّهم وضلالهم وأقرّوا بالطاعة فلهم عليّ عهد الله وميثاقه أنّ لهم في كلّ عام عطاءين : عطاء في الشتاء وعطاء في الصيف ، ما لا أفعله لأحد من الناس طول حياتي ؛ ولهم عليّ عهد أن أجعل الحنطة عندهم كسعر الحنطة عندنا! والعطاء الذي يذكرون أنّه احتبس عنهم في زمان معاوية فهو عليّ أن اخرجه لهم وافرا كاملا! فإن قبلوا ذلك وأنابوا جاوزهم إلى ابن الزبير ، وإن أبوا قاتلهم ، ثمّ إن ظفر بها أنهبها ثلاثا!
فروى ابن قتيبة عن ابن جعفر قال : فرجعت إلى منزلي ليلا وكتبت إليهم كتابا اعلمهم فيه بقول يزيد وأحضّهم على القبول بما بذله لهم ، وأنهاهم أن يتعرّضوا لجيوشه! وسلّمت الكتاب لرسولي وطلبت إليه أن يجهد السير إليهم فوصل إليهم في عشرة أيام ، فما قبلوه» (١).
إخراج بني امية من المدينة :
قال ابن قتيبة : فلمّا استبان لهم أنّ يزيد سيبعث إليهم بجيوشه اتّفقوا على تمرّدهم واختلفوا في رياستهم ، فمنهم من قال : ابن مطيع ، وقائل : إبراهيم بن
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ٢٠٦ ـ ٢٠٧ ، ونسب عثمان بن محمّد بالثقفي ، بل هو ابن أبي سفيان الأموي. وسمّى اليعقوبي عامل صوافي معاوية في المدينة : ابن مينا ٢ : ٢٥٠ مصحّف.