استعداد الوالي ومقابلة المختار :
نادى المنادون : ألا برئت الذمّة من رجل لم يحضر المسجد الليلة (السحر قبل الفجر) فاجتمع الناس في المسجد. وكان ابن مطيع قد جعل على الشرطة بعد إياس ابنه راشد العجلي فبعثه إلى المختار في أربعة آلاف من الشرط. وبعث شبث بن ربعي في ثلاثة آلاف ، قبل أن يصلّي بهم!
ولمّا أصبح المختار استقدم في غلس الفجر فصلّى بهم فقرأ في الأولى بعد الفاتحة (النَّازِعاتِ) وفي الثانية (عَبَسَ وَتَوَلَّى) وكان فصيحا في قراءته.
فلمّا انصرفوا سمعوا أصواتا مرتفعة فيما بين بني سليم وسكّة البريد ، فقال المختار لمن حوله : من يعلم لنا ما هؤلاء؟ وكان فيهم من الموالي أبو سعيد الصيقل فقال : أنا ، فقال المختار : فألق سلاحك وادخل فيهم كأنّك من النظّار ثمّ ائتني بخبرهم.
قال الصيقل : فدنوت منهم فإذا مؤذّنهم يقيم للصلاة ثمّ تقدّم شبث فصلّى فقرأ بعد الحمد (إِذا زُلْزِلَتِ) وفي الثانية بعد الحمد (وَالْعادِياتِ) فقال له بعضهم : لو قرأت سورتين أطول! فقال : ترون الديلم (١) قد نزلت بساحتكم وتقولون : لو قرأت سورة البقرة وآل عمران (٢) وكانوا ثلاثة آلاف.
قال الصيقل : فعدت إلى المختار ، فلما أتيته أتاه معي سعر الحنفي من قبل جبّانة مراد وفيها راشد بن إياس فأخبر المختار بخبر راشد وأخبرته بخبر شبث ، فسرّح للراشد إبراهيم بن الأشتر في ستمئة فارس وستمئة راجل ، وبعث نعيم بن هبيرة الشيباني ـ أخا مصقلة ـ في ثلاثمئة فارس وستمئة راجل لمقابلة شبث التميمي ، وقال لهما : لا ترجعا إليّ حتّى تظهرا أو تقتلا!
__________________
(١) ممّا يدل على كثرة الموالي في عسكر المختار.
(٢) يلاحظ أن المقروء بعد الحمد لهم سور لا آيات منها.