ابن أبي طالب قد قتل! أما إنّه كان يحبّ أن يرى هذا الفتح ثمّ لا نجعل أنفسنا أحقّ منه بشيء مما نحن فيه! وكأنّه خاف أن يتّهم بقتله فقال : أتدري من قتله؟ إنّما قتله من يزعم أنّه «شيعة» لأبيه! أمّا إنّهم قد قتلوه وهم يعرفونه (١) فهو له تأكيد على نسبة قتله إلى «الشيعة» وهذه أقدم بادرة بهذا الاتهام ، بحروراء وليس بالمذار.
مصعب وحصار المختار :
كان ممّن خرج على المختار في الكوفة عبد الرحمن بن مخنف الأزدي ففرّ إلى مصعب بالبصرة ، فلمّا عزم مصعب على حرب الكوفة دعا عبد الرحمن وقال له : انسلّ إلى الكوفة فادعهم سرّا إلى بيعتي واستخرج منهم إليّ كلّ من قدرت عليه فادّعى أبو مخنف له أنّه انسلّ إلى الكوفة ولكنّه تستّر ولم يتكلّم بشيء (٢) فلمّا وصل مصعب إلى الكوفة خرج إليه جمع من أهل الكوفة وفيهم عبد الرحمان فقال له : ما صنعت فيما كنت وكّلتك به؟ قال : أصلحك الله وجدت الناس صنفين : أمّا من كان له هوى فيك فقد خرج إليك ، وأما من كان يرى رأي المختار فلم يكن ليدعه ولا ليؤثر عليه أحدا! فلم أبرح بيتي حتّى قدمت. فصدّقه مصعب وبعثه إلى جبّانة السبيع ، وبعث عبد الرحمان بن محمّد بن الأشعث الكندي إلى الكناسة ، وبعث عبّاد بن الحصين الحبطي التميمي إلى جبّانة كندة ، وبعث زحر بن قيس الجعفي إلى جبّانة مراد ، وكان معه عبيد الله بن الحرّ الجعفي فبعثه إلى جبانة الصائديين من همدان ، كلّهم ليقطعوا عن المختار وأصحابه الماء والمادّة!
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ١٠٤ عن أبي مخنف.
(٢) تاريخ الطبري ٦ : ٩٥ عن أبي مخنف.