لا تصرف عليّ أنيابك ولا تهدّم عليّ ، فو الله ما بقي من عمري إلّا مثل كواسل الغبار ، فاقض ما أنت قاض ، فإن الموعد الله ، وبعد القتل الحساب! ولقد خبّرني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام أنك قاتلي! فقال له الحجّاج : الحجة عليك إذن! فقال كميل : ذاك إن كان القضاء إليك (١).
فقال له الحجّاج : أنت الذي فعلت بعثمان كذا؟! فقال كميل : لا تكثر عليّ اللوم ولا تهل عليّ الكثيب ، وما ذاك؟ رجل لطمني فأنفد صبري وعفوت عنه ، فأيّنا كان المسيء؟ فأمر به فضربت عنقه (٢) بالكوفة ، ودفن بالثوية بظهر الكوفة إلى النجف ، وقبره بها معلوم معروف مشهور.
هلاك الحجّاج :
قال المسعودي : بلغ عدد من قتله الحجّاج صبرا في غير حروبه : مئة وعشرين ألفا ؛ منهم كميل بن زياد النخعي صاحب علي بن أبي طالب عليهالسلام وسعيد بن جبير صاحب عبد الله بن العباس ، مولى لبني والبة من أسد الكوفة. وتوفى الحجّاج وفي محبسه خمسون ألف رجل ، وثلاثون ألف امرأة! وكان حبسه لا يكنّهم من برد ولا حرّ ، ويسقون الماء مشوبا بالرماد!
وكان قد تولّى العراق وخراجها مئة ألف ألف (مليون) درهم ، فلم يزل بعنته وسوء سياسته حتّى صار خراجها خمسة وعشرين ألف ألف (مليون) درهم ، أي ربع ما كان من قبل (٣).
__________________
(١) الإرشاد ١ : ٣٢٧ ، وفي الإصابة ٣ : ٣١٨.
(٢) قاموس الرجال ٨ : ٦٠١ عن ذيل الطبري.
(٣) التنبيه والإشراف : ٢٧٤ ـ ٢٧٥ ، والأخير في تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٩١.