وبالبحرين مرّة اخرى خرج من عبد القيس أبو معبد العبدي ، وكان عامل البصرة من قبل الحجّاج : الحكم بن أيوب الثقفي فبعثه إليه فخرج إليه وقاتله وقتله وفرّق جمعه (١).
ضرب النقود الإسلامية :
كانت مصر عند الفتح الإسلامي في حكم الروم ، وكانت صناعة القراطيس فيها رومية نصرانيّة قبطيّة تبعا لأكثرهم ، وأصبح المسلمون يستعملونها كما هي ، وكان عليها طراز بالرومية مغفولا عنه ، ولعلّ هذه المناوشات الروميّة الأخيرة بعثت عبد الملك أن يطلب ترجمة ذلك الطراز وإذا هو : باسم الأب والابن وروح القدس!
وكان هذا يطرّز على الأقمشة للستائر والثياب أيضا ، فلمّا ترجم له قال : ما أغلظ هذا في أمر الدين والإسلام! وكان على مصر أخوه عبد العزيز فكتب إليه أن ينهاهم عنه ويأمرهم أن يبدّلوها بصورة التوحيد : «شهد الله انّه لا إله إلّا هو ...» أو بسورة التوحيد. وكتب إلى الآفاق بإبطال ذلك ومعاقبة من وجد عنده بعد النهي شيء منه بالضرب الوجيع والحبس الطويل! ففعلوا ذلك وعملوه.
وحملت القراطيس إلى الروم وإلى ملك الروم (٢) بطراز التوحيد بالخطّ العربي ، وترجم ذلك له فأنكره وغلظ عليه واستشاط غيظا إلّا أنّه أرسل إلى عبد الملك بهدية وكتاب يطلب منه أن يرد الطراز الرومي! فردّ عبد الملك الهديّة والكتاب بلا جواب. فكتب ملك الروم إليه : «لتأمرنّ بردّ الطراز إلى ما كان عليه ،
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٧٥.
(٢) لعلّه بوسطين بانوس (الثالث) وانظر مختصر تاريخ الدول : ١١٢ ولم يذكر هذا الخبر!