وقالوا : مرحبا بك يابن رسول الله قدمت خير مقدم! فرأى من تباشرهم بالحسين عليهالسلام ما ساءه وغاضه ما سمع منهم. فلما أكثروا عليه من ذلك قال الباهلي معه للناس : تأخّروا هذا الأمير عبيد الله بن زياد! هذا ما جاء عن أبي مخنف (١).
وفي خبر النميري البصري عن عيسى الكناني : أن ابن زياد قبل دخول الكوفة نزل فأخرج ثيابا وعمامة يمانية وركب بغلة ، فكل من نظر إليه لم يشك أنه الحسين عليهالسلام فيقولون : مرحبا بك يابن رسول الله! فلا يكلّمهم! وسمع بهم النعمان الأنصاري فدخل قصره مع خاصّته وغلّق عليه بابه. وانتهى إليه ابن زياد ومعه الخلق يضجّون ، فلم يشك الأنصاري أنه الحسين عليهالسلام ، فتدلّى الأنصاري بين شرفتين وناداه : انشدك الله الا تنحّيت عنّي! فما أنا بمسلم إليك أمانتي! وابن زياد لا يكلّمه ودنا منه فقال له : افتح لا فتحت! فقد طال ليلك! فسمعها رجل خلفه فنادى الناس : أي قوم! ابن مرجانة! والذي لا إله غيره! وفتح النعمان له البيبان فدخل وغلّقوا الباب بوجه الناس فانفضّوا (٢).
فلمّا دخل القصر وعلم الناس أنّه ابن زياد دخلهم من ذلك كآبة وحزن شديد (٣).
خطاب ابن زياد :
طبيعيّ والحال هذه أن لا يبادر ابن زياد لصلاة صبح غد ، بل يستمرّ الأنصاري في ذلك قبل أن يخرج من الكوفة. نعم ، في ضحى الغد ولصلاة الظهر نادى منادي القصر بالصلاة جامعة ، فاجتمع الناس وخرج ابن زياد فصعد المنبر
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٣٥٨ ، والإرشاد ٢ : ٤٣.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٣٥٩ ـ ٣٦٠ ، والإرشاد ٢ : ٤٣ ـ ٤٤.
(٣) تاريخ الطبري ٥ : ٣٥٧.