(ولكنّي) لا اعطي الدنيّة (البيعة) من نفسي أبدا! ولتلقينّ فاطمة أباها شاكية ممّا لقيت ذريتها من امّته! ولا يدخل الجنة من آذاها في ذريّتها (١) وطبيعي أن يكون عمر قد بايع.
ونحوه عبد الله بن عمر ؛ ولذا لا نرى تشديدا عليه ، بل لعلّه مثل عمر الأطرف اقترح على الحسين عليهالسلام أن يبايع فيبقى في المدينة ولا يخرج منها ، فقال له الحسين عليهالسلام : يا عبد الله ، أما علمت أنّ بني إسرائيل كانوا ما بين طلوع (الفجر) إلى طلوع الشمس يقتلون سبعين نبيّا! ثم يبيعون ويشترون كأن لم يصنعوا شيئا! وإنّ من هوان الدنيا على الله أنّ رأس يحيى بن زكريا اهدي إلى بغيّ من بغايا بني إسرائيل ، وإنّ رأسي يهدى إلى بغيّ من بني امية (٢)!
خروجه عليهالسلام إلى مكّة :
انشغل الوليد اليومين الأوّلين من الأسبوع : السبت والأحد : السابع والثامن والعشرين من شهر رجب ، بطلب ابن الزبير ، ولما يئس الثمانون الذين تعقّبوه فرجعوا عشاء أو مساء إلى الوليد ، بعث رجالا عند المساء إلى الحسين عليهالسلام ، فقال لهم : أصبحوا ثمّ ترون ونرى ، فكفّوا عنه تلك الليلة ، فخرج فيها ليومين بقيا من رجب : التاسع والعشرين والآخر منه سنة (٦٠ ه) ، ببنيه وإخوته وبني أخيه
__________________
(١) كتاب الملهوف : ١٥ مرسلا.
(٢) كتاب الملهوف : ١٧ مرسلا. وأرسل الراوندي في الخرائج والجرائح ١ : ٢٥٣ : عن امّ سلمة قالت للحسين عليهالسلام : يا بني ، لا تخرج إلى العراق (كذا) فقد سمعت رسول الله يقول : يقتل ابني الحسين بأرض العراق. وقبله في إثبات الوصية : ٢٦٢ وقبله في الهداية الكبرى للخصيبي الغالي : ٢٠٢ وهو أصل الخبر ، وسيأتي ما ينافيه.