فأجابه زهير : يابن البوّال على عقبيه! ما إيّاك أخاطب ، إنّما أنت بهيمة! والله ما أظنّك تحكم من كتاب الله آيتين! فأبشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم!
فأجابه شمر : إنّ الله قاتلك وصاحبك عن ساعة!
فأجابه زهير : أفبالموت تخوّفني! فو الله للموت معه أحبّ إليّ من الخلد معكم! ثمّ التفت إلى الناس وقال رافعا صوته : عباد الله! لا يغرّنكم عن دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه! فو الله لا تنال شفاعة محمّد صلىاللهعليهوآله قوما هراقوا دماء ذريّته و «أهل بيته» وقتلوا من نصرهم وذبّ عن حريمهم.
ورأى الإمام عليهالسلام في هذا الكلام كفاية لإتمام الحجّة عليهم ، فأمر رجلا من أصحابه فنادى زهيرا من خلفه قال : إنّ أبا عبد الله يقول لك : أقبل ، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون (١) نصح لقومه وأبلغ في الدعاء ، فلقد نصحت لهؤلاء وأبلغت ، لو نفع النصح والإبلاغ (٢).
توبة الحرّ الرياحي وخطبته :
كان الحرّ الرياحي قد سمع بالخصال التي عرضها الإمام عليهالسلام على القوم ، وكان لا يرى أنّ الأمر ينتهي بهم إلى قتال الحسين عليهالسلام ، فلما زحف ابن سعد للقتال تقدّم إليه وسأله : أصلحك الله ، أمقاتل أنت هذا الرجل (الحسين)؟! قال عمر : إي والله قتالا أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي!
فقال الحرّ : أما لكم رضا في واحدة من الخصال التي عرض عليكم؟!
__________________
(١) شبّهه الإمام بمؤمن آل فرعون ، لأنه كان عثمانيّ الرأي والهوى ثمّ آمن بحق الحسين عليهالسلام.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٤٢٦ عن أبي مخنف ، وليس في الإرشاد.