شريك بن الأعور جاء به حتّى أدخله على مسلم وأخبره خبره ، فأخذ ابن عقيل بيعته ، وكان أبو ثمامة الصائدي الهمداني بصيرا بالسلاح ، فكان يقبض ما يعين به بعضهم لبعض ويشتري لهم السلاح ، فأمره مسلم فقبض المال الذي جاء به معقل ، ثمّ أخذ معقل يختلف إليهم فهو أول داخل وآخر خارج يسمع أخبارهم ويعلم أسرارهم ويسرّها إلى ابن زياد (١).
هانئ عند ابن زياد :
بعد عيادة ابن زياد لابن الأعور الحارثي الهمداني ثمّ موته ، وعيادته ثانية لهانئ المرادي وبرئه كأنّه كان هو على المطلوب من الأشراف يغدو إلى ابن زياد ويروح إليه ، ثمّ تمارض هذه المرّة وبه انقطع عن ابن زياد.
وكان هانئ مصاهرا لعمرو بن الحجّاج الزبيدي على اخته روعة ، فدعاه ابن زياد ومعه أسماء بن خارجة الفزاري ومحمد بن الأشعث الكندي وقال لهم : قد بلغني أنّ هانئا قد برأ من مرضه فهو يجلس على باب داره! فما يمنعه من إتياننا؟! القوه ومروه أن لا يدع ما عليه من الحقّ في ذلك! فإنّي لا احبّ أن يفسد عندي مثله من أشراف العرب!
فلمّا كانت العشيّة (قبيل المغرب) أتى هؤلاء ومع أسماء ابنه حسّان إلى دار هانئ ، وإذا به ـ كما قال ابن زياد ـ جالس على باب داره ، فوقفوا عليه وأخبروه : أنّ الأمير قد ذكرك ، فما يمنعك من لقائه؟ قال : تمنعني الشكوى (المرض). قالوا : إنّه قد بلغه أنّك في كلّ عشيّة تجلس على باب دارك ، فاستبطأك والسلطان لا يحتمل الإبطاء والجفاء ، فنقسم عليك إلّا ما ركبت معنا!
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٣٦٤ ، والإرشاد ٢ : ٤٥ ـ ٤٦.