لبني تميم (١) يقال له : معقل ، فقال له : خذ ثلاثة آلاف درهم ... واطلب أصحاب مسلم بن عقيل وأعلمهم أنّك منهم ، وأعطهم هذه الثلاثة آلاف وقل لهم : استعينوا بها على حرب عدوّكم! فإنّك لو أعطيتها إيّاهم اطمأنّوا إليك ووثقوا بك ولم يكتموك شيئا من أخبارهم ، ثمّ اغد عليهم ورح حتى تطلب مسلم بن عقيل.
فخرج إلى المسجد الأعظم ، وكان فيه مسلم بن عوسجة الأسدي يصلّي ، وسمع الناس يشيرون إليه ويقولون : إنّ هذا يبايع للحسين عليهالسلام فجاء إليه وانتظره حتى فرغ من صلاته فجاءه وقال له : يا عبد الله! إنّي امرؤ من أهل الشام مولى لذي الكلاع الحميري ، وقد أنعم الله عليّ بحبّ أهل هذا البيت وحبّ من أحبّهم! وبلغني أنّ رجلا منهم قدم الكوفة يبايع لابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهذه ثلاثة آلاف درهم أردت بها لقاءه فلم أجد أحدا يعرف مكانه ويدلّني عليه ، فإنّي لجالس في المسجد آنفا إذ سمعت نفرا من المسلمين (يشيرون إليك) ويقولون : هذا رجل له علم بأهل هذا البيت ، فأتيتك لتقبض هذا المال وتدخلني على صاحبك فابايعه ، أو إن شئت أخذت بيعتي له قبل لقائه!
فقال له مسلم الأسدي : لقد ساءني معرفتك إيّاي بهذا الأمر من قبل أن يتم! مخافة هذا الطاغية وسطوته! ولقد سرّني ذلك لتنال ما تحبّ ولينصر الله بك «أهل بيت» نبيه ، فأحمد الله على لقائك إيّاي! ثمّ أخذ عليه المواثيق المغلّظة ليكتمنّ وليناصحنّ! فأعطاه من ذلك ما أرضاه به ، فأخذ منه بيعته ثمّ دلّه على منزله وقال له : اختلف إليّ في منزلي أيّاما حتى أحصل لك الإذن على صاحبنا. ولم يقبض منه المال ، فأخذ يختلف إليه مع الناس (٢) أيّاما ليدخله على ابن عقيل ، وبعد موت
__________________
(١) ولعلّ هذا لأنّه علم أنّ أكثر دعاة الإمام منهم ، وهذا أولى ممّا عن أبي مخنف : أنّ معقلا كان من موالي ابن زياد ، فإنّه لو كان لبان. والخبر في الطبري ٥ : ٣٦٠.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٣٦٢ عن أبي مخنف.