حرّمكم الله اتّخاذها .. أرى الحزام قد بلغ الطبيين والتقت حلقتا البطان .. أنا ابن العرقية وابن الشيخ الأعزّ! كذبتم وربّ الكعبة! ما الرأي كما رأيتم ولا الحديث كما حدّثتم ، فافطنوا لعيوبكم وإيّاكم أن أكون وأنتم كما قال :
إنّك إن كلّفتني ما لم أطق |
|
ساءك ما سرّك منّي من خلق! |
والمخبر بالعلم ليس كالراجم بالظنون ، فالتقدّم قبل التندّم ، وأخو المرء نصيحته! ثمّ أنشد :
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا |
|
وما علّم الإنسان إلّا ليعلما |
ثمّ قال : احمدوا ربّكم ، وصلّوا على نبيّكم صلىاللهعليهوآله. ثمّ نزل.
وكان كاتبه مولاه نافع فقال له : يا نافع اكتب : بسم الله الرحمنِ الرحيم ، من الحجّاج بن يوسف إلى عبد الرحمان بن الأشعث ، سلام على أهل النزوع من الزيغ .. فإني أحمد الله الذي خلّاك في حيرتك حتّى أقحمك أمورا أخرجك بها عن طاعته وجانبت بها ولايته! وعسكرت بها في الكفر وذهلت بها عن الشكر! فلا تشكر في السرّاء ولا تصبر في الضرّاء .. أقبلت تستوقد الفتنة لتصلى بحرّها وجلبت لك ولغيرك ضرّها .. وعزة ربك لتكبّن لنحرك وتقلبنّ لظهرك ، ولتدحضنّ حجّتك ، ولتذمّن مقامك ، كأنّي بك تصير إلى غير مقبول منك إلّا السيف ، عند كشوف الحروب عن ساقها ومبارزة أبطالها! والسلام على من إلى الله أناب وسمع وأجاب (١).
سعيد بن جبير إلى ابن الأشعث :
قال ابن قتيبة : اتي إلى الحجّاج بسعيد بن جبير ـ وكان من موالي بني والبة من بني أسد (٢) ـ فقال له : انطلق بهذا الكتاب إلى هذا الطاغية الذي قد فتن وفتن
__________________
(١) الإمامة والسياسة ٢ : ٣٨ ـ ٤٠.
(٢) المعارف : ٤٤٥ ، ولكنّه في الإمامة والسياسة نسبه إلى بني الأشعث بن قيس ، ولا يصحّ.