فأتينا بالأمر الذي تسألونه وتسومونه ، أو كرهنا فرددناه. وإنّما أراد بذلك أن يردّهم عنه تلك العشيّة حتّى يأمر بأمره ويوصي أهله.
وحيث كان شمر هو الذي جاء بالإسراع ، وأصبح هو المباشر للقتال قال له عمر : يا شمر ما ترى؟
فقال شمر : أنت الأمير والرأي رأيك! فأقبل عمر على سائر الناس وقال لهم : ماذا ترون؟
وكان عمرو بن الحجاج معه فقال له : سبحان الله! والله لو كانوا من الديلم ثمّ سألوك هذه المنزلة لكان ينبغي لك أن تجيبهم إليها!
وقال قيس بن الأشعث بن قيس الكندي لعمر : أجبهم إلى ما سألوك ، فلعمري ليصبحنّك غدوة بالقتال! فدعا ابن سعد رجلا وأمره أن يتقدّم إلى أصحاب الحسين عليهالسلام ويسمعهم قوله : إنا قد أجّلناكم إلى غد ، فإن استسلمتم سرّحنا بكم إلى أميرنا عبيد الله بن زياد ، وإن أبيتم فلسنا بتاركيكم! فأتاهم وقام بحيث يسمع صوته وناداهم به وانصرف (١).
خطبة الإمام مساء التاسع :
ما عاد ابن سعد عن الحسين وأصحابه إلّا قرب المساء ، فبعد ما رجع عمر عنه جمع الحسين عليهالسلام أصحابه ليخطبهم ، وكان عليّ بن الحسين السجّاد مريضا فرووا عنه قال : دنوت منه لأسمع أبي فسمعته يقول لهم :
أثني على الله ـ تبارك وتعالى ـ أحسن الثناء ، وأحمده على السرّاء والضرّاء. اللهم إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوّة ، وعلّمتنا القرآن ، وفقّهتنا في الدين ، وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة ولم تجعلنا من المشركين.
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٤١٧ عن أبي مخنف عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام ، والإرشاد ٢ : ٨٩ ـ ٩١.