فرفع حبيب صوته يخاطب زهيرا قال : أما والله لبئس القوم غدا عند الله قوم يقدمون عليه وقد قتلوا ذريّة نبيّه عليهمالسلام وعترته وأهل بيته صلىاللهعليهوآله وعبّاد أهل هذا المصر (الكوفة) المجتهدين بالأسحار والذاكرين الله كثيرا.
وكان عزرة بن قيس البجلي أمام القوم قريبا من حبيب فسمعه فقال له : إنّك لتزكّي نفسك ما استطعت! حيث وصف أصحاب الحسين بالمجتهدين بالأسحار والذاكرين الله كثيرا.
فأجابه زهير البجلي قال : يا عزرة! إنّ الله قد زكّاها وهداها ، فاتّق الله يا عزرة ، فإني لك من الناصحين ، أنشدك الله يا عزرة أن تكون ممّن يعين الضلّال على قتل النفوس الزكية!
فقال له عزرة البجلي : يا زهير! ما كنت عندنا من «شيعة» أهل هذا البيت! إنّما كنت عثمانيا!
فأجابه زهير البجلي : أفلست تستدلّ بموقفي هذا أنّي منهم! أما والله ما كتبت إليه كتابا قط! ولا أرسلت إليه رسولا قطّ! ولا وعدته نصرتي قطّ! ولكنّ الطريق جمع بيني وبينه ، فلمّا رأيته ذكرت به رسول الله صلىاللهعليهوآله ومكانه منه ، وعرفت ما يقدم عليه من عدوّه وحزبكم ، فرأيت أن أكون في حزبه وأنصره وأجعل نفسي دون نفسه ، حفظا لما ضيّعتم من حقّ الله وحقّ رسوله.
ولمّا عاد العباس إلى الحسين عليهالسلام بما عرض عليه عمر بن سعد ، قال الحسين : ارجع إليهم فإن استطعت أن تؤخّرهم إلى غدوة وتدفعهم عنّا العشيّة ، لعلّنا نصلّي لربّنا الليلة وندعوه ونستغفره ، فهو يعلم أنّي كنت احبّ الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار!
فعاد العباس يركض فرسه حتّى انتهى إليهم فقال لهم : يا هؤلاء! إنّ أبا عبد الله يسألكم أن تنصرفوا هذه العشيّة حتّى ينظر في هذا الأمر ، فإنّ هذا أمر لم يجر بينكم وبينه فيه منطق ، فإذا أصبحنا التقينا إن شاء الله ، فإمّا رضيناه