وكان ممّا أثار خيار القرّاء والحجّاج على الحجّاج ما أثاره هو من العجاج واللجاج في تفضيل الخليفة الأموي حتّى على الرسول والنبيّ فضلا عن الوصيّ ، حتّى أنهم سمعوه يخطب على المنبر يقول : أخليفة أحدكم في أهله أكرم عليه أم رسوله في حاجته؟! يعني أن الخليفة أكرم على الله من رسوله (١)!
وممّا أثارهم على عبد الملك أنه كتب إلى الحجّاج أن يبعث إليه بثلاثين جارية : عشرة من ذوات الأحلام وعشرة من النجائب وعشرة من قعّد النكاح (٢).
أسرى الخوارج ، والحجّاج :
لمّا انهزم ابن الأشعث حلف الحجّاج : أن لا يؤتى بأسير منهم إلّا ضرب عنقه (٣) ولعلّه بلغ ابن مروان ، فروى العصفري البصري عن المدائني البصري قال : كتب عبد الملك إلى الحجّاج في بقايا الخوارج مع ابن الأشعث : أن ادع الناس إلى البيعة ، فمن أقرّ بالكفر! فخلّ سبيله ، إلّا رجلا نصب راية أو شتم أمير المؤمنين.
وكان الحجّاج قد أسر ناسا كثيرا منهم بنو ضبيعة من عنزة البصرة وسيّدهم مسمع ومن قرّاء مواليهم عمران بن عصام ، وكان الحجّاج لما قدم العراق أمر مسمع أن يزوّج عمران ابنته ماوية! ثمّ أوفد من البصرة وفدا إلى عبد الملك فأوفده فيهم ، ولم يكن يوفد الموالي! وجيء اليوم بهم مع الأسرى ، فقرأ عليهم كتاب عبد الملك ، وفيهم عمران فدعا به الحجّاج وقال له : أتشهد على نفسك بالكفر؟! قال : ما كفرت بالله منذ آمنت به! قال : ألم أقدم العراق فأوفدتك
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ١٤٧ مسندا.
(٢) مروج الذهب ٣ : ١٤٩.
(٣) مروج الذهب ٣ : ١٥٤.