«بسم الله الرحمنِ الرحيم إلى الحسين بن علي ، من مسلم بن عقيل ، أمّا بعد ؛ فإنّي أقبلت من المدينة مع دليلين ، فجارا عن الطريق وضلّا واشتدّ علينا العطش فلم يلبثا أن ماتا! وأقبلنا حتّى انتهينا إلى الماء فلم ننج إلّا بحشاشة أنفسنا! وذلك بمكان يدعى : المضيق من بطن الخبيت ، وقد تطيّرت من وجهي هذا ؛ فإن رأيت أعفيتني منه وبعثت غيري ، والسلام» وبعث به مع قيس بن مسهر الصيداوي ، وصبر هو ينتظر أمره عليهالسلام.
فلمّا قدم قيس بالرسالة إلى الإمام عليهالسلام كتب إليه في جوابه : «بسم الله الرحمنِ الرحيم ، من الحسين بن علي ، إلى مسلم بن عقيل ، أمّا بعد ؛ فقد خشيت أن لا يكون حملك على الكتاب إليّ في الاستعفاء من الوجه الذي وجّهتك له إلّا الجبن! فامض لوجهك الذي وجّهتك له ، والسلام» وردّ الكتاب إليه مع قيس ، فلمّا قدم عليه قيس بالكتاب وقرئ عليه قال : هذا ما لست أتخوّفه على نفسي! وارتحلوا حتّى نزلوا على بعض مياه بني طيّئ وارتحل منهم وإذا رجل أشرف له ظبي فرماه فصرعه ، فتفأل مسلم خيرا وقال : يقتل عدوّنا إن شاء الله (١) وذلك في أواسط العشر الأخير من رمضان.
مسلم في الكوفة :
كان عمر بن الخطاب في السنة (١٣ ه) أوائل عهده اختار أبا عبيد بن مسعود الثقفي أبا المختار لفتوح العراق ، فقتل يوم الجسر يوم عيد الفطر (٢) وأراد عمر تأليف بني ثقيف فخطب من المختار بن عبيد أخته صفيّة لابنه
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٣٥٤ ـ ٣٥٥ عن أبي مخنف ، والإرشاد ٢ : ٣٩ ـ ٤١.
(٢) تاريخ ابن الخيّاط : ٦٦.