الكوفة مريضا ونزل على هانئ وقال له : مر مسلما يكن عندي ، فإنّ عبيد الله بن زياد يعودني (١).
وحين نرى في الخبر أنّ شريكا بعد ذلك لبث ثلاثا ثمّ مات (٢) يرجح أنّه لم يتمارض وإنّما مرض حتّى مات ، فهو دخل دار هانئ مريضا ، وقد ذكر في الخبر أوّلا مرض هانئ وعيادة ابن زياد له ، فما مكث إلّا جمعة (اسبوعا) حتّى مرض شريك فعاده ابن زياد! بينما الطبيعي عكس ذلك ، وأن تكون العدوى سرت من شريك إلى هانئ ، وعيادته لشريك قبل عيادته لهانئ.
شريك وعمارة يعرضان للمؤامرة :
نزل شريك بن الأعور الحارثي الهمداني البصري على هانئ بن عروة المرادي ، مريضا ، وكان كريما على ابن زياد وهو الذي حمله معه من البصرة إلى الكوفة ، فأرسل إليه ابن زياد : إني رائح إليك العشية (قبيل المغرب).
فقال شريك لمسلم : إنّ هذا الفاجر يعودني عشيّة اليوم ، فإذا جلس فاخرج إليه فاقتله! ثمّ اقعد في القصر فإنّه لا يحول أحد بينك وبينه! فإذا برئت من وجعي هذا أيّامي هذه سرت إلى البصرة وكفيتك أمرها! وعلم هانئ المرادي بمرادهم هذا ولم يقل الآن شيئا.
فلما كانت العشيّة (قبل المغرب) أقبل ابن زياد لعيادة شريك ، فقام مسلم ليدخل المخبأ ، وقال له شريك مؤكّدا : لا يفوتنّك إذا جلس! فكأنّ هانئا استقبح أن يقتل أحد في داره فقام إلى مسلم وقال له : إني لا احبّ أن يقتل في داري! ودخل مسلم ، وخرج هانئ لاستقبال ابن زياد.
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٣٦٠ عن النميري البصري.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٣٦٣ ـ ٣٦٤ عن أبي مخنف.