فأراد عبد الله أن يربّي لها ابنه الأكبر حمزة (١) فعزل مصعبا عن البصرة وولّاها ابنه حمزة. فظهرت منه بالبصرة خفّة وضعف وتخليط ، كان أحيانا يجود حتّى لا يترك ما يملك ، وأحيانا يمنع ما لا يمنع مثله. وكان على الخراج مردانشاه الفارسي فاستحثّه على الخراج فأبطأ عليه فقام عليه بسيفه فقتله! وهمّ بالأشراف أن يضربهم! فكتب الأحنف التميمي بذلك إلى ابن الزبير وسأله أن يعيد عليهم مصعبا ، ففعل ، فاحتمل حمزة مالا كثيرا من بيت المال معه وترك أباه وذهب إلى المدينة واستودع الأموال عند رجال فذهبوا بها! فلمّا علم ابن الزبير بما فعل قال : أبعده الله! أردت أن اباهي به بني مروان! فنكص! فولّى مصعب على الكوفة الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المعروف بالقباع وانصرف إلى البصرة بعد سنة (٢) أي في (٦٨ ه).
مصير عبيد الله بن الحرّ :
روى المدائني قال : لما قتل المختار قال الناس لمصعب : إنّ ابن الحرّ قد شاقّ ابن زياد ثمّ المختار ، ولا نأمنه أن يثب بالسواد كما كان يفعل. فحبسه مصعب (بالكوفة ، قبل أن يعود للبصرة).
وتوصّل ابن الحرّ إلى وجوه مذحج (وهو منهم) وقال لهم : سعى بي قوم كذبة وخوفوا مصعبا ممّا لم أكن أفعله! وما لم يكن من شأني! فحبسني على غير جرم ، فاتوه وكلّموه في أمري. فوعدوه ذلك. فأرسل إلى فتيانهم قال : أرسلت قوما إلى مصعب يكلمونه في أمري ، فالبسوا سلاحكم وليكن مستورا بثيابكم ، واذهبوا معهم وقفوا ببابه ، فإن خرج القوم وقد شفّعهم فلا تعرضوا لشيء ،
__________________
(١) من ثمانية أبناء له ، المعارف : ٢٢٥ ، وانظر الطبري ٦ : ١١٨.
(٢) تاريخ الطبري ٦ : ١١٧ ـ ١١٨ عن أبي مخنف والمدائني.