وإن خرجوا ولم يشفّعهم فكابروا السجّانين وأنا اعينكم من داخل! فجاء القوم من مذحج فدخلوا على مصعب فكلّموه فشفّعهم وأطلقه.
فلمّا أتاه الناس يهنئونه قال لهم : قد عهد إلينا رسول الله صلىاللهعليهوآله : أن «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» وما رأينا بعد الأربعة الماضين (١) إماما صالحا ولا وزيرا تقيّا ، كلّهم عاص مخالف ، قويّ الدنيا ضعيف الدين ، فعلام تستحلّ حرمتنا ونحن أصحاب النخيلة والقادسيّة وجلولاء ونهاوند! نلقى الأسنة بنحورنا والسيوف بجباهنا ، ثمّ لا يعرف لنا حقّنا وفضلنا! فقاتلوا عن حريمكم ، فأيّ الأمر ما كان فلكم فيه الفضل ، وإنّي قد قلبت ظهر المجن! وأظهرت لهم العداوة فإنّ هذا الأمر لا يصلح إلّا لمثل خلفائكم الماضين ، وما نرى لهم فينا ندّا ولا شبيها فنلقي بأزمّتنا إليه ونمحضه نصيحتنا ، فإن كان إنّما هو «من عزّ بزّ» فعلام نعقد لهم بيعة في أعناقنا وليسوا بأشجع منّا لقاء ولا أعظم منّا غناء .. ولا قوّة إلّا بالله!
وحيث كان هو من مراد من مذحج ، أرسل إليه مصعب سيف بن هانئ (ابن عروة) المرادي فقال له : إنّ مصعبا يعطيك خراج بادوريا على أن تبايع وتدخل في طاعته! فأبى.
فبعث مصعب إليه الأبرد الرياحي في نفر لقتاله ، فقاتله ابن الحرّ فهزم الأبرد الرياحي.
فبعث مصعب إليه حريث بن زيد في نفر ، فقاتله ابن الحرّ فقتله وهزم جمعه.
فبعث مصعب إليه الحجّاج بن حارثة الخثعمي فلقيه على نهر صرصر فقاتله ابن الحرّ فهزم الخثعمي.
__________________
(١) هذه من بوادر ما مهّد فيما بعد لمصطلح : الخلفاء الراشدين ، ولم يصطلح يومئذ بعد.