فأرسل مصعب قوما إليه يدعونه إلى أن يؤمّنه ويولّيه أيّ بلد شاء! فأبى.
وكان على الفلّوجة دهقان يدعى تيز جشنش (بالفارسية) فأتاه ابن الحرّ ففرّ الدهقان بمال الفلّوجة إلى عين التمر وعليها بسطام بن مصقلة بن هبيرة الشيباني ومعه مئة وخمسون فارسا ، وتابع ابن الحرّ الدهقان ، فخرج إليه بسطام بجمعه ، ووافاهم الحجّاج الخثعمي كرّة ، فبارزه الحجّاج فأسره ابن الحرّ ، وبارزه بسطام فأسره أيضا ، وبعث دلهم المرادي بفوارس من أصحابه يطلبون الدهقان فأصابوه وأخذوا الأموال ، فأخذها وتركهم إلى تكريت فهرب عاملها ، فأقام ابن الحرّ بها يجبي الخراج.
فوجّه مصعب إليه الأبرد الرياحي والجون الهمداني في ألف فارس ، وأمدّهما المهلّب من الموصل بخمسمئة مع يزيد بن المغفّل ، فتقاتلوا وقتل كثير من فرسان ابن الحرّ وتحاجزوا مساء فخرج من تكريت إلى الشام ثمّ عاد بهم إلى الكوفة ليخوّف مصعبا ، فأتى على كسكر فنفى عاملها وأخذ بيت مالها ، ثمّ أتى الكوفة إلى دير الأعور ، فبعث إليه مصعب حجّار بن أبجر فقاتله ابن الحرّ فهزمه ، فضمّ مصعب إليه الجون الهمداني وعمر بن معمر ، فانهزم حجّار ثمّ كرّ وقاتلوه كلّهم ، فكثرت الجراحات في أصحاب ابن الحرّ وعقرت خيولهم حتّى أمسوا ، وخرج ابن الحرّ إلى المدائن.
وكان مصعب قد جعل على المدائن يزيد بن الحارث الشيباني ، فكتب إليه بقتال ابن الحرّ ، فقدّم يزيد ابنه حوشبا بجمع فلقي ابن الحرّ في باجسرا ، فقاتله ابن الحرّ فهزمه وأقبل ليدخل المدائن فتحصّنوا ، ثمّ توجه إليه بشر الأسدي إلى تامرّا فلقيه ابن الحرّ فقتله وهزم أصحابه ، وتوجّه إليه جون الهمداني في حولايا ، فقاتله ابن الحر فهزمهم وتبعهم ، فخرج إليه بشير العجلي فالتقوا في سورا فاقتتلوا قتالا شديدا ثمّ انحاز بشر عنه فرجع إلى عمله. وأقام ابن الحرّ يغير على السواد ويجبي الخراج.