مقدّمات واقعة الحرّة (١)
تمرّد أهل المدينة على يزيد :
وكان معاوية قد اكتسب أموالا ونخيلا بالمدينة ، وعليها قيّم يجبيها لهم يدعى ابن ميثاء ، وكانت له نوق وجمال لذلك في حرّة المدينة ، فأقبل بها يريد جباية الأموال ليزيد ، وكانت نخيلا يجذّ منها كلّ سنة مئة وستّين ألف وسق تمرا!
فاجتمع نفر من قريش والأنصار ودخلوا على عثمان بن محمّد فقالوا له : إنّ معاوية آثر علينا في عطائنا فلم يعطنا درهما فما فوقه قطّ! حتّى مضّنا الزمان ونالتنا المجاعة! فاشترى منّا أموالنا بجزء من مئة من ثمنها! فهذه الأموال كلّها لنا!
فقال لهم عثمان : لأكتبنّ إلى أمير المؤمنين بسوء رأيكم وما أنتم عليه من الضغون القديمة والأحقاد التي لم تزل في صدوركم! فتفرّقوا عنه ، ثمّ اجتمع رأيهم على منع ابن ميثاء القيّم عليها. فكتب عثمان بن محمّد بأمرهم إلى يزيد.
فكتب يزيد كتابا خطابا لأهل المدينة وأمر عثمان بن محمّد أن يقرأه عليهم فقرأه فإذا فيه :
«وايم الله لئن آثرت أن أضعكم تحت قدمي فلأطأنّكم وطأة أقلّ منها عددكم ، وأترككم أحاديث تتناسخ كأحاديث عاد وثمود! فلا أفلح من ندم!
__________________
(١) الحرّة ، مخفّف الحارة أي الحجارة الحارّة كأنها أحرقت بالنار ، وهي هنا الحرّة الشرقية من حرّتي المدينة ، كما في المعجم ٢ : ٢٨٣.