وخطبهم فقال :
«إنّه قد نزل بنا من الأمر ما قد ترون ، وإنّ الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت وأدبر معروفها واستمرّت جدّا (حذّاء) ولم يبق منها إلّا صبابة كصبابة الإناء وخسيس عيش كالمرعى الوبيل (الهالك) ألا ترون إلى الحقّ لا يعمل به! وإلى الباطل لا يتناهى عنه! ليرغب المؤمن في لقاء ربّه محقا! فإنّي لا أرى الموت إلّا شهادة (١) والحياة مع الظالمين إلّا برما» (٢) ثمّ سار الإمام ويسايره الحرّ.
وخطبة أخرى بالبيضة :
وقبل العذيب وصلوا إلى البيضة فخطبهم الإمام عليهالسلام فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال :
أيّها الناس ؛ إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «من رأى سلطانا جائرا ، مستحلّا لحرام الله ، ناكثا لعهد الله ، مخالفا لسنّة رسول الله ، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول ، كان حقا على الله أن يدخله مدخله» ألا وإنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمان! وأظهروا الفساد وعطّلوا الحدود! واستأثروا بالفيء! وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلال الله! وأنا أحقّ من غيّر!
وقد أتتني كتبكم وقدمت عليّ رسلكم ببيعتكم أنّكم لا تسلموني ولا تخذلوني! فإن تممتم على بيعتكم تصيبوا رشدكم ، فأنا الحسين بن علي وابن
__________________
(١) كذا في الطبري عن أبي مخنف وهو الأولى ، وعليها فالإمام عليهالسلام يرغّبهم في النهي عن الباطل ولو كان يؤدّي إلى الموت ، فإنّها موتة شهادة في سبيل الله والسعادة من لوازمها.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٤٠٣ عن أبي مخنف ، وليست في الإرشاد!