من بني أسد الكوفة : عبد الله بن سليم والمذري بن المشمعلّ قضيا حجّهما ولحقا بالإمام هنا ، فلمّا رأيا ذلك توافقا ليلحقا بالرجل فيسألانه عن الكوفة ، ومضيا حتى انتهيا إليه وسلّما عليه وتعارفا معه فإذا هو بكير بن المثعبة الأسدي أيضا وقال : لم أخرج من الكوفة حتّى رأيت مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة مقتولين يجرّان بأرجلهما في السوق! فتركاه ولحقا بالإمام عليهالسلام (١).
وفي الثعلبية :
وعند المساء وصل الإمام عليهالسلام منزل الثعلبية فنزلها ، فجاءه الأسديان الكوفيان وسلّما عليه وقالا له : يرحمك الله ، إنّ عندنا خبرا ، فإن شئت حدّثنا علانية وإن شئت سرّا؟ فنظر إلى أصحابه وقال : ما دون هؤلاء سر. فقالا له : أرأيت الراكب الذي استقبلك عشاء أمس؟ (كذا) قال : نعم وقد أردت مسألته. فقالا : قد كفيناك مسألته واستبرأنا لك خبره ، وإنّه امرؤ منّا من بني أسد ذو رأي وصدق وفضل وعقل ، وإنّه حدّثنا أنّه لم يخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وحتى رآهما يجرّان في السوق بأرجلهما!
فتلا الحسين عليهالسلام : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ)(٢)! ثمّ ردّد مرارا : رحمة الله عليهما.
فقالا له : إنّه ليس لك بالكوفة «شيعة» فنحن نتخوّف أن تكون عليك ، فننشدك الله في نفسك وأهل بيتك إلّا انصرفت من مكانك هذا! فلمّا سمع بنو عقيل ذلك وثبوا وقالوا : لا والله لا نبرح حتّى ندرك ثأرنا أو نذوق ما ذاق أخونا!
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٣٩٧ عن أبي مخنف ، والإرشاد ٢ : ٧٣ ـ ٧٤.
(٢) البقرة : ١٥٦.