أأبا يزيد ساء ذلك عبرة |
|
ماذا أقول وباب سمعك موصد |
قم وارمق «النجف الشريف» بنظرة |
|
يرتدّ طرفك وهو باك أرمد |
تلك العظام أعزّ ربّك قدرها |
|
فتكاد لو لا خوف ربّك تعبد |
أبدا تباركها الوفود يحثّها |
|
من كل صوب شوقها المتوقّد |
نازعتها الدنيا ففزت بوردها |
|
ثم انطوى ـ كالحلم ـ ذاك المورد |
وسعت إلى الاخرى فأصبح ذكرها |
|
في الخالدين ، وعطف ربّك أخلد |
وهذه القصيدة البديعة الخالدة للشاعر الدمشقي المبدع الأديب الاستاذ محمد المجدوب ، قد ألقاها في مهرجان مولد الإمام أمير المؤمنين علي عليهالسلام في جامع الهندي في النجف الأشرف عام (١٣٧١ ه ـ ١٩٥٢ م) في انتهاء دهاء معاوية وعاقبته.
بداية عهد يزيد :
اختار أبو مخنف خبر هلاك معاوية لأوّل شهر رجب عام (٦٠ ه) (١) وكان يزيد قد خرج قبل موت أبيه بيوم إلى حوران للصيد ، وأخبر الضحّاك الفهري بمسيره وطلب منه أن يخبره بخبر أبيه. فلما مات معاوية كتب بذلك الضحّاك إلى يزيد ، فلمّا بلغه وقرأه وثب باكيا وأمر من معه بالرجوع إلى دمشق فوصلها بعد ثلاثة أيام (٢) ، وهو معتمّ بعمامة خزّ سوداء متقلّد سيفا.
وكان الضحاك الفهريّ قد أخبر الناس بقدومه وأمرهم باستقباله ، فركب لذلك من أطاق الركوب وحمل السلاح ، فلمّا قرب يزيد من دمشق تلقّوه باكين ، وأمامه راث يرثي معاوية. وكان الفهري قد فرش له قصر القبّة الخضراء لأبيه
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٣٣٨.
(٢) وفي الإمامة والسياسة ١ : ٢٠٣ : بعشرة أيام.