قال : والله لقد كنت شاهدا معهم ذلك اليوم وإنّا يومئذ لأكثر من مئة رجل من وجوه «الشيعة» وفرسانهم في دار سليمان الخزاعي (١) سنة قتل الحسين عليهالسلام سنة إحدى وستّين (٢) وجلّهم في نحو الستّين من أعمارهم ، كما يأتي آنفا ، وكان يوم جمعة (٣).
مؤتمر امراء التوابين الخمسة :
فلمّا اجتمعوا بدأ الكلام المسيّب بن نجبة : فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على نبيّه (وآله) ثمّ قال :
«أمّا بعد ، فإنّا قد ابتلينا بطول العمر والتعرّض لأنواع الفتن ، فنرغب إلى ربّنا أن لا يجعلنا ممّن يقول لهم غدا : (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ)(٤) وقد قال أمير المؤمنين (علي عليهالسلام) : «العمر الذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم (أي قطع به عذره) : ستّون سنة» وليس فينا رجل إلّا وقد بلغه.
وقد كنّا مغرمين بتزكية أنفسنا وتقريظ «شيعتنا» حتّى بلا الله أخبارنا فوجدنا كاذبين في موطنين من مواطن ابني ابنة نبيّنا صلّى الله عليه (وآله) وسلم (٥).
وقد بلغتنا قبل ذلك كتبه وقدمت علينا رسله ، وأعذر إلينا (قطع عذرنا) يسألنا نصره ، عودا وبدءا وعلانية وسرّا! فبخلنا عنه بأنفسنا حتّى قتل إلى جانبنا ، لا نحن نصرناه بأيدينا ولا جادلنا عنه بألسنتنا ، ولا قوّيناه بأموالنا ولا طلبنا له
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٥٥٤.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٥٥٨.
(٣) تاريخ الطبري ٥ : ٥٥٤.
(٤) فاطر : ٣٧.
(٥) يعني موقفهم مع الحسن عليهالسلام ثمّ موقفهم من الحسين عليهالسلام.