زيارة الثوار لقبر أبي الأحرار :
لما انتهى الناس إلى قبر الحسين عليهالسلام ، معلوما ، صاحوا صيحة واحدة وبكوا حتّى ما رئي يوم كان أكثر باكيا منه ، بكوا كلّهم وتمنّى جلّهم أنّه لو كان اصيب معه ، تقدّمهم شيخهم سليمان وقد ناهز أو جاوز الثمانين من السنين رافعا يديه إلى ربّه لدى قبر وليّه باكيا داعيا :
«اللهمّ ارحم حسينا الشهيد ابن الشهيد ، المهديّ بن المهديّ ، والصدّيق ابن الصدّيق : اللهمّ إنّا نشهدك أنّا على دينهم وسبيلهم ، وأعداء قاتليهم وأولياء محبّيهم» (الولاية والبراءة).
ونادوا صيحة واحدة تائبين : «يا ربّ إنّا قد «خذلنا» ابن بنت نبيّنا ، فاغفر لنا ما مضى منّا ، وتب علينا ، إنّك أنت التوّاب الرحيم. وارحم حسينا وأصحابه الشهداء الصدّيقين. وإنّا نشهدك ـ يا ربّ ـ أنّا على «مثل ما قتلوا عليه» فإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين».
ثمّ انصرف سليمان وأصحابه عن القبور ونزلوا ، فأقاموا عنده يومهم ذلك وليلتهم يصلّون ويبكون ويتضرّعون ويستغفرون ، وما انفكّوا يترحّمون عليه وعلى أصحابه ، حتّى صلّوا الفجر عند القبر.
ثمّ أمر سليمان الناس بالمسير ، فكانوا لا يمضون حتّى يأتوا قبره فيقومون ويترحّمون عليه ويستغفرون له ولأصحابه الشهداء ثمّ يركبون ، ولقد كان ازدحامهم على قبره أكثر من ازدحام الناس على الحجر الأسود!
ووقف الأمراء عند قبره : سليمان الخزاعي والمسيّب بن نجبة وعبد الله بن وال التيمي ، والمثنّى بن مخرّبة العبدي ، فكلّما دعا له قوم وترحّموا عليه قال لهم سليمان والمسيّب : الحقوا بإخوانكم رحمكم الله! حتّى بقوا في نحو ثلاثين رجلا من أصحابهم ، فأحاطوا بالقبر ...