الاستعداد لقتال ابن زياد :
قال الصيقل : لمّا كان السحر عبّأ إبراهيم أصحابه وكتّب كتائبه وأمّر امراءه ، فبعث على ميمنته سفيان بن يزيد الأزدي ، وعلى ميسرته عليّ بن مالك الجشمي ، وكانت خيل النخعيّ قليلة فجعل عليها أخاه لأمّه : عبد الرحمن بن عبد الله وضمّها إليه في القلب والميمنة ، وجعل على رجّالته الطفيل بن لقيط النخعي أيضا.
فلمّا انفجر الفجر غلّس بصلاة الغداة ، ثمّ خرج فصفّهم ، ووضع امراء الأرباع في مواضعهم ، ونزل يمشي ويقول للناس : ازحفوا. فزحف الناس معه على رسلهم رويدا رويدا حتّى أشرف على تلّ عظيم مشرف على القوم وإذا اولئك بعد لم يتحرّك أحد منهم.
فدعا بعبد الله بن زهير السلولي فقال له : قرّب على فرسك حتّى تأتيني بخبر هؤلاء.
فانطلق فلم يلبث إلّا يسيرا حتّى جاء فقال : قد خرج القوم على دهش وفشل ، ولقيني رجل منهم فناداني : يا «شيعة» أبي تراب ؛ يا «شيعة» المختار الكذّاب! فقلت له : ما بيننا وبينكم أجلّ من الشتم.
قال : يا عدوّ الله! إلى ما تدعوننا؟ قلت له : يالثارات الحسين ابن رسول الله ، ادفعوا إلينا عبيد الله بن زياد فإنّه قتل ابن رسول الله «وسيّد شباب أهل الجنة» حتّى نقتله ببعض من قتلهم مع الحسين فإنّا لا نراه ندّا للحسين لنرضى به قودا! فإذا دفعتموه إلينا فقتلناه ببعض موالينا جعلنا بيننا وبينكم حكما كتاب الله أو أي صالح شئتم من المسلمين.
فقال : قد جرّبناكم في مثل هذا فغدرتم! فقلت : وما هو؟ قال : قد جعلنا بيننا وبينكم حكما فلم ترضوا بحكمهما! فقلت له : إنّما كان صلحنا على أنّهما إذا اجتمعا على رجل تبعنا حكمهما ورضينا به وبايعناه ، فلم يجتمعا على واحد.