يالثارات الحسين! أين جماعة القوم؟ قيل : بالنخيلة. فخرج إلى أهله فأخذ سلاحه ودعا بفرسه ليركبه ، فجاءته ابنته الرّوّاع وقالت له : يا أبة ما لي أراك قد تقلّدت سيفك ولبست سلاحك؟ قال لها : يا بنيّة ، إنّ أباك يفرّ من ذنبه إلى ربّه! فأخذت تنتحب وتبكي ، وجاءه أصهاره وبنو عمّه فودّعهم ثمّ خرج فلحق بهم.
فلم يصبح سليمان الخزاعي حتّى أتاه مثل عسكره البارحة (أي صاروا أربعة آلاف)! فدعا بديوانه لينظر فيه إلى عدّة من بايعه فوجدهم ستة عشر ألفا فقال : سبحان الله! ما وافانا من ستة عشر ألفا إلّا أربعة آلاف! وكان حميد بن مسلم الأزدي حاضرا فقال له : كنت عند المختار قبل ثلاث ليال فسمعت نفرا من أصحابه يقولون : قد كملنا ألفي رجل! فهو يثبّط الناس عنك! فقال سليمان : وهب أنّه كان ذلك فهل قعد عنّا عشرة آلاف! أما هؤلاء بمؤمنين! أما يخافون الله! أما يذكرون الله وما أعطونا من أنفسهم من العهود والمواثيق لينصرّن وليجاهدنّ!
فأخذ يبعث ثقات أصحابه إلى من تخلّف عنه يذكّرهم الله وما أعطوه من أنفسهم إلى الثالث من ربيع الثاني ، فخرج إليه نحو من ألف رجل (١) (أي كانوا خمسة آلاف من ستة عشر ألفا).
في الكوفة أو إلى الشام :
مرّ الخبر أنّ عبد الله بن يزيد الأنصاري أمير الكوفة لابن الزبير ، كان قد علم باتّجاه ابن زياد في ستّين ألفا إلى العراق ، فلمّا أنذره يزيد بن الحارث بن رويم الشيباني بأمر التوّابين ، ألقى إليهم الخبر ليصرفهم عن الكوفة فيصرف بهم شرّ جيش الشام وينتصر بهؤلاء على أولئك.
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٥٨١ ، ٥٨٢ عن أبي مخنف.