فحلّفه فأبى أن يحلف ، فقال لجلاوزته : انطلقوا بهذا إلى جبّانة (مقبرة) السبيع فاضربوا عنقه بها ، فقتلوه هناك (١) وقال للمختار : لو لا شهادة عمرو بن حريث لضربت عنقك (٢).
وبعث بالرؤوس إلى الرئيس :
ثمّ اختار ابن زياد رجلين من تميم وهمدان : الزبير بن الأروح التميمي وهانئ بن أبي حية الهمداني ليبعثهما برأسي مسلم وهانئ إلى يزيد ، ودعا كاتبه عمرو بن نافع أن يكتب إلى يزيد بما كان من مسلم وهانئ ، فكتب كتابا مطوّلا ، فلما رآه ابن زياد قال : ما هذا التطويل وهذا الفضول؟! ثمّ قال له : اكتب : أما بعد ؛ فالحمد لله الذي أخذ لأمير المؤمنين بحقّه! وكفاه مؤونة عدوّه. أخبر أمير المؤمنين أكرمه الله! أنّ مسلم بن عقيل لجأ إلى دار هانئ بن عروة المرادي ، وإني جعلت عليهما العيون ودسست إليهما الرجال وكدتهما حتى استخرجتهما وأمكن الله منهما! فقدّمتهما وضربت أعناقهما. وقد بعثت إليك برؤوسهما مع هانئ بن أبي حيّة الهمداني والزبير بن الأروح التميمي ، وهما من أهل السمع والطاعة والنصيحة! فليسألهما أمير المؤمنين! عمّا أحبّ من أمر ، فإنّ عندهما علما وصدقا ، وفهما وورعا! والسلام.
وراح ابن الأروح وابن أبي حيّة بهذا الكتاب وبرأسي مسلم وهانئ إلى يزيد في دمشق الشام فكتب إلى ابن زياد :
أمّا بعد ؛ فإنّك لم تعد أن كنت كما احب! عملت عمل الحازم وصلت صولة الشجاع الرابط الجأش! فقد أغنيت وكفيت وصدّقت ظنّي بك ورأيي فيك!
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٣٧٨ عن أبي مخنف.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٥٧٠ عن أبي مخنف.