وأصبح الحصين السكوني فبعث إليهم فوجدهم قد ذهبوا ، فأسرع العودة بجيشه.
وكان المثنّى بن مخرّبة العبدي البصري قد وصل بالثلاثمئة معه إلى قرية صندوداء ، وتقدّمه سعد بن حذيفة بن اليمان بالمئة والسبعين معه إلى بلدة هيت ، فأخبره الأعراب بما لقي التوابون فعاد سعد إلى المثنى في صندوداء فأخبره ، ثمّ أقاموا حتّى دنا منهم رفاعة فاستقبلوه بالسلام والبكاء وأقاموا معهم يوما وليلة يتناعون إخوانهم ويبكونهم ، ثمّ انصرف أهل المدائن إليها ، وأهل البصرة إليها ، وعاد أهل الكوفة إليها.
وكان مروان حيّا ولكنّه كان قد بايع لابنه عبد الملك لما بعده ، فلمّا بلغه خبر مصير «التوابين» صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أمّا بعد ، فإنّ الله قد أهلك من رؤوس أهل العراق ملقح فتنة ورأس ضلالة : سليمان بن صرد! ألا وإنّ السيوف قد تركت رأس المسيّب بن نجبة خذاريف! ألا وقد قتل الله من رؤوسهم رأسين عظيمين ضالّين مضلّين : عبد الله بن سعد أخا الأزد! وعبد الله بن وال أخا بكر بن وائل ؛ فلم يبق بعد هؤلاء أحد عنده دفاع ولا امتناع (١)!
أواخر أخبار مروان :
انصرف مروان من مصر إلى الأردن وعليها حسّان بن بجدل الكلابي خال
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٦٠٥ ، وهو المصدر المتوفّر على أكثر أخبار التوّابين من كتاب «أخبار التوابين بعين الوردة» لأبي مخنف ، واختصر المسعودي ذكرهم في أربع صفحات وصرّح بالنقل عن كتابه بهذا الاسم ، في مروج الذهب ٣ : ٩٣ ـ ٩٦ ، وأكثر عن الطبري ابن نما الحلّي (ق ٧ ه) في رسالته : ذوب النضّار في شرح أخذ الثار. ونقلها المجلسي في بحار الأنوار ٤٥ : ٣٤٦ ـ ٣٨٦ وفيها تخليط.