وأقبل محمّد بن عمرو بن حزم الأنصاري فارسا يقاتل جريحا فيحمل على كردوس من أهل الشام فيفضّ جماعتهم ، فاجتمع جمع من أصحاب الرماح وحملوا عليه حملة واحدة وطعنوه برماحهم حتّى مال قتيلا. فلمّا قتل انهزم باقي الناس في كلّ وجه ، ودخل القوم المدينة تجول خيولهم فيها يقتلون وينهبون!
وقيل لعبد الله بن زيد بن عاصم : لو علم القوم باسمك وصحبتك لم يهيجوك بأذى فلو أعلمتهم! فقال : لا أفلح من ندم ، لا والله لا أبرح حتّى اقتل ولا أقبل لهم أمانا! وكان أصلع حاسرا ، فضربه شامي بفأس على رأسه فسقط قتيلا صائما (١).
نهب المدينة وإباحتها :
وأوّل دور انتهبت والحرب قائمة : دور بني عبد الأشهل ، فما تركوا في المنازل من أثاث ولا حليّ ولا فراش إلّا نقض صوفه ، وحتّى أنّهم كانوا يذبحون الدجاج والحمام!
ودخل عشرة منهم دار محمّد بن مسلمة الأنصاري فتصايحت النسوة ، فسمعهنّ زيد بن محمّد ففزع لهنّ ومعه رجلان من أهله حتّى قتل جميع الشاميين ، ثمّ أقبل نفر آخرون منهم فقاتلوهم أيضا حتّى ضربه أربعة منهم بسيوفهم في وجهه فقتلوه بعد أن قتل أربعة عشر رجلا منهم.
ولزم خدره أبو سعيد الخدري فهتكوا ستره وسألوه : من أنت أيها الشيخ؟ قال : أنا أبو سعيد الخدري صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآله! قالوا : ما زلنا نسمع عنك ، فبحظّك أخذت في ترك قتالنا وكفّك عنّا ولزوم بيتك ، ولكن أخرج إلينا ما عندك! قال : والله ما عندي مال. فضربوه حتّى نتفوا لحيته ثمّ أخذوا كلّ ما وجدوه في بيته حتّى الصواع والحمام!
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ٢١١ ـ ٢١٣.