ولزم سعيد بن المسيّب المسجد فكان لا يخرج منه إلّا ليلا ، وأمن. وخرج جابر بن عبد الله الأنصاري وهو يومئذ أعمى إلى بعض زقاق المدينة وهو يقول : تعس من أخاف الله ورسوله! فسئل : ومن أخاف الله ورسوله؟! قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : من أخاف المدينة فقد أخاف ما بين جنبيّ! فسمعه شاميّ فحمل عليه بسيفه ليقتله ، وكان مروان بن الحكم حاضرا فترامى بنفسه عليه وأجاره وأدخله منزله وأغلق عليه بابه ، فسلم ، وأسروا كثيرا فغلّوهم (١).
وأنهبها ثلاثا فنهبت الأموال وافتضحت النساء (٢).
وقال اليعقوبي وأباح مسلم المرّي المدينة لجنده فلم يبق بها كثير أحد نجا من القتل ، وحتّى حملت الأبكار لا يعرف لمن (٣) وروى البيهقي عن الحسن البصري أنّه ذكر الحرّة فقال : والله ما كاد ينجو منهم أحد ، ونهبت المدينة ؛ وافتضّ فيها ألف عذراء ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون (٤).
ودخل شاميّ على امرأة ابن أبي كبشة الأنصاري ، قالت : لقد بايعت معه رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم الشجرة على أن لا أزني ولا أسرق ولا أقتل ولدي ، ولا آتي ببهتان أفتريه ، وكانت قد نفست حديثا بصبيّ ، فقال الشامي لها : هل من مال؟ قالت : لا والله ما تركوا لي شيئا! فقال لها : والله لتخرجنّ إليّ شيئا أو لأقتلنّك وصبيّك هذا! فقالت له : ويحك إنه ولد ابن أبي كبشة الأنصاري صاحب
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ٢١٣ ، ٢١٤ ، وانظر تحريف خبر الخدري في تاريخ خليفة : ١٤٩ واعجب!
(٢) الإمامة والسياسة ٢ : ١٠.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٥٠.
(٤) دلائل النبوة للبيهقي ٦ : ٤٧٥ ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي : ٢٤٩.