دون الرجاء فلم يبعد من كان الحقّ نيّته والتقوى سريرته! ثمّ سأله الفرزدق عن أشياء من المناسك ثمّ حرّك الإمام راحلته وقال : السلام عليك (١).
وحاولوا منعه فلم ينفع :
مرّ الخبر عن استضعاف يزيد للوليد الأموي وعزله بعمرو بن سعيد الأموي الأشدق فقدم المدينة في شهر رمضان سنة (٦٠) (٢) وأمّره على الموسم بمكّة فقدمها في ذي القعدة (٣) فكان هذا مما أعجل الإمام للخروج من مكّة إلى العراق مخافة أن يقبض عليه بمكّة فينفذ إلى يزيد ، كما مرّ عن المفيد ، مبادرا بأهله وولده وشيعته ، عند الظهر والناس متوجّهون إلى منى ، متمنيّا انشغال عمّال الأمويين بإمارتهم للحجّ والحجّاج.
هذا ، وما أفاد ذلك كثيرا حتّى بلغ خبره الأمير الأشدق فدعا أخاه يحيى
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ٦٧ ، وفي الطبري ٥ : ٣٨٦ عن الكلبي عن عوانة بن الحكم ، عن لبطة بن الفرزدق عن أبيه. وقبله عن الكلبي عن أبي مخنف بسنده عن المذري بن المشمعل وعبد الله ابن سليم الأسديّين أنّهما دخلا مكّة يوم التروية وتوجّها إلى منى ... ثم أقبلنا حتى انتهينا إلى الصفاح.
والصفاح بعد أنصاب الحرم إلى حنين ، وتسمّى اليوم بالشرائع الجديدة وهي مدينة حديثة ولها أسواق وبلدية بعد المغمّس باتّجاه وادي عرنة بعد عرفات ، كما في كتاب معجم معالم مكّة لعاتق بن غيث البلادي ، فهل يعقل أن يكون هذان قد قضيا مناسكهما من يوم عرفة إلى ما بعد الزوال من اليوم الثاني عشر من ذي الحجّة : أربعة أيام ، ثمّ وصلوا إلى الإمام في منزل الصفاح؟! فلذا تبعنا هنا ما رجّحه المفيد في إرشاده.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٣٤٣ و ٣٩٩.
(٣) تاريخ الطبري ٥ : ٣٤٦.