عبد الملك ملك العراق :
وسار عبد الملك من دير الجاثليق (الكاثوليك) حتّى نزل النخيلة بظهر الكوفة ، فخرج إليه أهله فبايعوه. فوفى لمن وعدهم في مكاتبته إيّاهم سرّا ، وخلع وأجاز وأقطع ، ورتّب الناس على قدر مراتبهم. ودخل دار الإمارة بالكوفة وقد حمل معه رأس مصعب فجيء به حتّى وضع بين يديه.
فنقل المسعودي عن أبي مسلم النخعي أنّه لمّا رأى ذلك اضطرب ، ورآه عبد الملك فسأله ، قال : فقلت : يا أمير المؤمنين! دخلت هذه الدار فرأيت رأس الحسين (عليهالسلام) بين يدي ابن زياد في هذا الموضع ، ثمّ دخلتها فرأيت رأس ابن زياد بين يدي المختار ، ثمّ دخلتها فرأيت رأس المختار بين يدي مصعب بن الزبير ، وهذا رأس مصعب بين يديك! فوقاك الله يا أمير المؤمنين!
فوثب عبد الملك وأمر بهدم طاق ذلك المجلس! كأنّه هو عامل هذه المقاتل!
وكان مع عبد الملك أخوه بشر بن مروان فولّاه على الكوفة ، وخلّف معه جماعة من أهل الرأي والمشورة من أهل الشام منهم روح بن زنباع الجذامي. وأرسل الحجّاج بن يوسف الثقفي لحرب ابن الزبير بمكّة ، وعاد ببقية أهل الشام إلى الشام بعد أن ولّى على البصرة خالد بن عبد الله (١).
وقال المضاء بن علوان كاتب مصعب : دعاني عبد الملك فقال لي : علمت أنّه لم يبق من أصحاب مصعب وخاصته أحد إلّا كتب إليّ يطلب الأمان والجوائز والصلات والإقطاعات! قلت : يا أمير المؤمنين! وقد علمت أنّه لم يبق من أصحابك أحد إلّا وقد كتب إلى مصعب بمثل ذلك وهذه عندي كتبهم!
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ١٠٩ ـ ١١٠.