فإنمّا أمير المؤمنين أمين الله! وسيّان عنده منع حقّ وإعطاء باطل ... وظنّ بأمير المؤمنين كلّ شيء إلّا احتمالك على الخطأ! وإذا أعطاك (أو أتاك) الظفر على قوم فلا تقتلنّ جانحا ولا أسيرا! (بعد خمسة آلاف أو أربعة)! وختم كتابه بسبعة أبيات من شعره.
فلمّا قرأ الحجّاج كتابه كتب : أمّا بعد ، فقد أتاني كتاب أمير المؤمنين! يذكر فيه سرفي في الدماء وتبذيري الأموال! ولعمري ما بلغت في عقوبة أهل المعصية ما هم أهله! (بعد أربعة أو خمسة آلاف)! وما قضيت حقّ أهل الطاعة بما استحقّوه! فإن كان قتلي اولئك العصاة سرفا ، وإعطائي اولئك المطيعين تبذيرا فليسوّغني أمير المؤمنين ما سلف! ثمّ ليحدّ لي فيه حدّا أنتهي إليه إن شاء الله تعالى! ولا قوّة إلّا بالله! وو الله ما ظلمتهم فأقاد بهم ولا أصبتهم خطأ فأديهم! ولا قتلت إلّا فيك ولا أعطيتهم إلّا لك. ثمّ قابله بمثله شعرا.
فلمّا انتهى كتابه إلى عبد الملك قال : خاف أبو محمد (الحجّاج) صولتي! ولن أعود لشيء يكرهه (١)!
أمر الحجّاج بإعجام كلام الله :
كثر القرّاء على عهد الحجّاج بالعراق ، وكثروا في عسكر عبد الرحمان بن الأشعث ، وكثر قتل الحجّاج لأكثرهم ، فكان ما قاله أبو أحمد العسكري : كثر التصحيف (في القراءة) وانتشر بالعراق ، ففزع الحجّاج بن يوسف إلى كتّابه وسألهم أن يضعوا للحروف المشتبهة علامات. فيقال : إنّ نصر بن عاصم الليثي
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ١٣٣ ـ ١٣٥.