فتبع شمرا طامعا فيه دون أن يستشير المختار ، فلمّا دنا من جماعة شمر قال لهم شمر : اركضوا وتباعدوا عنّي لعلّ العبد يطمع فيّ ، وأخذ شمر يستطرد له وأقبل هو يسرع به فرسه حتّى إذا انقطع من أصحابه حمل عليه شمر فدق ظهره وقتله ، وعاد أصحابه إلى المختار فأخبروه بذلك فقال : أما لو كان يستشيرني لما أمرته أن يخرج له.
ثمّ مضى شمر بأصحابه حتّى نزل قرية سانيدما ، ثمّ نزل قرب قرية الكلتانية وفيها كتب كتابا عنوانه : للأمير المصعب بن الزبير من شمر بن ذي الجوشن ، وأخذ عبدا من القرية فضربه وحمّله كتابه إلى مصعب بالبصرة ، فمرّ به أبو الكنود عبد الرحمن بن عبيد فرأى الكتاب مع العبد وعنوانه لمصعب من شمر ، فذهب به إلى أبي عمرة كيسان فسألوه عن مكان شمر فأخبرهم به فإذا هو على ثلاثة فراسخ منهم فأقبلوا إليه ليلا ، وقد قال لأصحابه إنّه يريح هناك ثلاثة أيام ، وإذا بهم أشرفوا عليهم من التلّ وكبّروا وأحاطوا بهم ، وكان شمر قد اتزر ببرد محقّق ، وهو أبرص وقد ظهر بياض كشحيه فوق برده ، فأعجلوه أن يلبس ثيابه وسلاحه ، وترك أصحابه خيولهم وخرجوا يشتدّون على أرجلهم ، وأخذ شمر رمحا وأخذ يطاعنهم به ساعة ثمّ دخل خيمته وأخذ سيفه وقاتل به حتّى قتل (١).
وتجرّد المختار لقتلة الحسين عليهالسلام :
وكأن كيسان أبا عمرة مولى بني عرينة عاد إلى رئاسة حرس المختار فرآهم المختار يكلّمونه فارتاب منهم ، فدعاه المختار وقال له : رأيتهم يكلّمونك فما يقولون لك؟ فأسرّ إليه : أصلحك الله! شقّ عليهم صرفك وجهك عنهم إلى
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ٥٢ ـ ٥٤ عن أبي مخنف.