فحمد الله سليمان الخزاعي وأثنى عليه ثمّ قال لهما : إنّي علمت أنّكما قد محضتما في النصيحة ، واجتهدتما في المشورة ، وقد خرجنا لأمر ونحن نسأل الله العزيمة على الرشد والتسديد لأصوبه ، ولا نرانا إلّا شاخصين إن شاء الله.
فقال عبد الله الأنصاري : فأقيموا حتّى نعبّئ معكم جيشا كثيفا فتلقوا عدوّكم بجمع كثيف وحدّ! يخوّفهم بقلّة عددهم.
فقال سليمان : تنصرفون عنّا ونرى رأينا فيما بيننا وسيأتيكم ذلك إن شاء الله.
فعرضا عليه أن يقيم معهما حتّى يلقوا جموع أهل الشام معا ، فيخصّاه وأصحابه بخراج جوخى!
فقال لهما : إنّا ليس للدنيا خرجنا! فانصرفا عنهم بجمعهما إلى الكوفة.
وقد مرّ أنّهم كانوا قد كتبوا إلى «الشيعة» بالمدائن والبصرة ، ولم يأتهم هؤلاء للموعد ، فحاول ناس من أصحاب سليمان أن يلتزموا بانتظارهم.
فأبى سليمان كذلك وقال لهم : لا تلتزموا (انتظارهم) فإنّي لا أراهم أقعدهم ولا خلّفهم إلّا سوء العدّة وقلّة النفقة ، فأقاموا ليتيسّروا ويتجهّزوا فيلحقوا بكم وبهم قوّة ، وما أسرع القوم في آثاركم ، فإنّي لا أراهم إلّا سيسرعون إليكم لو قد انتهى إليهم خبركم ومسيركم (١).
خطبة سليمان ورحيلهم إلى كربلاء :
ثمّ قام سليمان في الناس خطيبا (الجمعة) ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أمّا بعد ، أيّها الناس ؛ فإنّ الله قد علم بما تنوون وما خرجتم تطلبون ، وإنّ للدنيا
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٥٨٦ ـ ٥٨٨ عن أبي مخنف.