مقتل الحسين عليهالسلام :
لمّا بقي الحسين عليهالسلام في ثلاثة رهط أو أربعة ، دعا بسراويل يمانية محقّقة يلمع فيها البصر ، فنكثه وفرزه لكي لا يسلب منه بعد قتله (١) ثمّ أقبل على القوم يدفعهم عن نفسه والثلاثة الباقون من أهله يحمونه حتّى قتل اولئك الثلاثة (٢).
وبقي الإمام عليهالسلام وحده ، وقد أثخن بالجراح في رأسه وبدنه ، فجعل يضاربهم بسيفه وهم يتفرّقون عنه يمينا وشمالا (٣).
وأتاه مالك بن النسير البدّي الكندي فضربه بسيفه على رأسه ، فقطع البرنس الذي عليه وأصاب رأسه فأدماه وامتلأ البرنس ، دما ، فقال له الإمام عليهالسلام : لا أكلت بها ولا شربت وحشرك الله مع الظالمين! ثمّ ألقى ذلك البرنس ودعا بقلنسوة فلبسها واعتمّ عليها (٤) بالخزّ الأسود ، وعليه قميص أو جبة من خزّ ، وكان مخضوبا بالوسمة. وهو يقاتل قتال الفارس الشجاع : يتقي الرّمية ويفترص العورة ويشدّ على الخيل (٥).
وأقبل شمر بن ذي الجوشن الضبابي الكلابي في نحو عشرة من رجّالة أهل الكوفة إلى خيمة الإمام التي فيها عياله وثقله حتّى حالوا بينها وبين الحسين عليهالسلام ، فناداهم : ويلكم! إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون يوم المعاد ، فكونوا في أمر دنياكم أحرارا ذوي أحساب! امنعوا رحلي وأهلي من طغامكم وجهّالكم!
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٤٥١ عن أبي مخنف ، والإرشاد ٢ : ١١١.
(٢) ولعلّهم المذكورون آنفا.
(٣) الإرشاد ٢ : ١١١.
(٤) تاريخ الطبري ٥ : ٤٤٨ عن أبي مخنف ، والإرشاد ٢ : ١١٠.
(٥) تاريخ الطبري ٥ : ٤٥٢ عن أبي مخنف.