ثمّ لما أصبح نزل فصلّى ثمّ عجّل الركوب ، وأخذ يتياسر بأصحابه عن الكوفة يريد أن يفارق الحرّ وأصحابه ، فيأتيه الحرّ وأصحابه فيردّونهم إلى جهة الكوفة ، فإذا اشتدّوا في ردّهم امتنعوا عليهم فارتفعوا فلم يزالوا يتياسرون ، حتّى انتهو إلى قرية من قرى الطفّ تسمّى :
نينوى :
مرّ الخبر عن الحرّ أنّه قال للإمام عليهالسلام : حتّى أكتب إلى ابن زياد. فيعلم أنّه قد كتب إليه فأجابه :
أمّا بعد ؛ فجعجع (١) بالحسين حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي ، فلا تنزله إلّا بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء ، وقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتّى يأتيني بإنفاذك أمري ، والسلام. ودعا مالك بن النسير البدّي الكندي وأرسله به.
وركب هذا الرسول على نجيب له وعليه سلاحه وقوسه ، وخرج من الكوفة ، ولا يدرى كيف اهتدى إلى موضعهم؟ إلّا أنّهم لما انتهوا إلى نينوى إذا بهم يرون راكبا مقبلا من الكوفة ، فوقفوا جميعا ينتظرونه ، حتّى انتهى إلى الحرّ فسلّم عليه وعلى من معه من أصحابه ثمّ دفع إلى الحرّ الكتاب من ابن زياد. وقرأ الحرّ الكتاب ، ثمّ التفت إلى الإمام وأصحابه وقال لهم : هذا كتاب الأمير عبيد الله بن زياد يأمرني فيه أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتيني فيه كتابه ، وهذا رسوله وقد أمره أن لا يفارقني حتّى انفّذ رأيه وأمره.
وكان من قوم الرسول من كندة مع الإمام : أبو الشعثاء يزيد بن زياد المهاصر البهدلي الكندي ، نظر إلى الرسول وعنّ إليه وناداه : أمالك بن النسير
__________________
(١) هو فسّر الجعجعة : أنزله بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء.