البدّي؟ قال : نعم ، فقال له يزيد بن زياد : ثكلتك أمّك! ماذا جئت فيه؟! قال : وما جئت فيه؟ أطعت إمامي ووفيت ببيعتي! فقال له أبو الشعثاء : عصيت ربّك وأطعت إمامك في هلاك نفسك! كسبت العار والنار! قال الله عزوجل : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ)(١) فهو إمامك.
وكانوا بين كور بابل (كربلاء) : نينوى ، والغاضرية وشفيّة ، فلمّا ألزمهم الحرّ وأصحابه بالنزول في ذلك المكان على غير ماء ولا في قرية ، قالوا له : دعنا ننزل عند نينوى أو عند الغاضرية أو عند شفيّة. فقال : لا والله لا أستطيع ذلك ، هذا رجل قد بعث عينا عليّ!
فالتفت ابن القين إلى الحسين عليهالسلام وقال له : يابن رسول الله ، إنّ قتال هؤلاء أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم! فلعمري ليأتينا من بعد من ترى ما لا قبل لنا به!
فقال له الحسين عليهالسلام : ما كنت لأبدأهم بالقتال!
وكان من القرى هناك على شاطئ الفرات قرية حصينة يعرفها زهير البجلي فقال للإمام عليهالسلام :
سر بنا إلى هذه القرية فإنّها حصينة على شاطئ الفرات فننزلها ، فإن منعونا قاتلناهم! فقتالهم أهون علينا من قتال من يجيء من بعدهم! مصرّا على ما قال من قبل. فسأله الإمام قال : وأيّة قرية هي؟ قال : هي العقر. فقال الحسين عليهالسلام : اللهمّ إنّي أعوذ بك من العقر! ثمّ نزل.
وكان ذلك يوم الخميس الثاني من المحرّم سنة إحدى وستين (٢).
__________________
(١) القصص : ٤١.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٤٠٨ ـ ٤٠٩ عن أبي مخنف ، والإرشاد ٢ : ٨٣ ـ ٨٤.