فبعث مروان إلى حبيب بن كرّة وكتب كتابا إلى يزيد وسلّمه إلى ابنه عبد الملك فخرج مع ابن كرّة إلى ثنيّة الوداع فسلّم الكتاب إليه وقال له : قد أجّلتك اثنتي عشرة ليلة ذاهبا واثنتي عشرة ليلة مقبلا ، فوافني لأربع وعشرين ليلة في هذا المكان في هذه الساعة تجدني جالسا أنتظرك.
قال ابن كرّة : أخذت الكتاب ومضيت به حتّى دخلت به على يزيد وهو على كرسيّه وقدماه في ماء في طست من وجع النقرس ، فقرأه فإذا فيه : أما بعد ، فإنّه قد حصرنا في دار مروان ، ورمينا بالجبوب (الأرض الغليظة) ومنعنا العذب! فيا غوثاه يا غوثاه! فلمّا قرأه قال لي : أما يكون بنو أمية ومواليهم ألف رجل؟ قلت : بلى وأكثر! قال : فما استطاعوا أن يقاتلوا ساعة من نهار! قلت : أجمع الناس كلّهم عليهم فلم يكن لهم طاقة على الناس (١).
جيش الشام إلى المدينة :
فبعث يزيد ـ بعد إباء ابن زياد ـ إلى عمرو بن سعيد الأشدق وكان في الشام فأقرأه الكتاب ، وطلب إليه أن يسير بالناس إليهم. فقال : إنّما هي دماء قريش فلا احبّ أن أتولّى أنا ذلك.
فروى الطبري عن حبيب بن كرّة قال : فبعثني يزيد بالكتاب إلى مسلم بن عقبة المرّي القرشي (في فلسطين) فسلّمت الكتاب إليه وهو شيخ كبير مريض ، فقرأه وأخبرته الخبر فجاء حتّى دخل على يزيد.
فقال له : ويحك! إنّه لا خير في العيش بعدهم ، فاخرج وسر بالناس.
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٤٨٢ ، ٤٨٣.