فخرج مناديه ينادي : أن سيروا إلى الحجاز على أخذ اعطياتكم كاملة ، ومعونة مئة دينار توضع في يد الرجل فورا! فانتدب له اثنا عشر ألف رجل (١).
وخرج يزيد وخطب فقال : يا أهل الشام ، إنّ أهل المدينة أخرجوا قومنا منها ، والله لئن تقع الخضراء على الغبراء أحبّ إليّ من ذلك (٢) وأمر بقبّة ضربت له خارج قصره ، وقطع البعوث على أهل الشام ، فلم تمض أيام ثلاثة حتّى فرغ وعرضت الكتائب عليه في اليوم الثالث (٣).
وخرج مسلم وهو أعور فاستعرض الجنود فلم يخرج معه أصغر من ابن عشرين ولا أكبر من ابن خمسين ، على خيل عراب وأدوات كاملة ، ووجّه يزيد معه عشرة آلاف بعير تحمل زاده.
وخرج إليه يزيد يودّعه فقال له : إن شئت أعفيتك ، فإنّي أراك مدنفا منهوكا!
فقال الأعور : نشدتك الله أن لا تحرمني أجرا ساقه الله إليّ! أو تبعث غيري!
فقال يزيد : فإن حدث بك حدث فأمر الجيوش إلى الحصين بن نمير السّكوني ، فانهض بسم الله إلى ابن الزبير ، واتّخذ المدينة طريقا إليه ، فإن صدّوك فاقتل من ظفرت به منهم ، وأنهبها ثلاثا ... فإذا قدمت المدينة فمن عاقك عن دخولها أو نصب لك الحرب فالسيف السيف ، أجهز على جريحهم واتّبع مدبرهم وإيّاك أن تبقي عليهم! وإن لم يتعرّضوا لك فامض إلى ابن الزبير (٤).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٤٨٣.
(٢) الإمامة والسياسة ١ : ٢٠٩ و ٢ : ٩.
(٣) تاريخ خليفة : ١٤٨ ، ولم يذكر وصايا يزيد للمسرف المرّي!
(٤) الإمامة والسياسة ١ : ٢٠٩ ، والتنبيه والإشراف : ٢٦٣.