الأسنة فقتل ، فقيل إنّ قاتله ثابت بن يزيد مولى الحصين بن نمير السكوني الكندي وحمل رأسه إلى عبد الملك ، واتي بجسده والقي بين يديه ، فجمع مولى الحصين عليه حطبا واحرقه (١)!
حرب مصعب وعبد الملك :
ثمّ سار عبد الملك من موضعه في صبيحة تلك الليلة حتّى نزل بدير الجاثليق (الكاثوليك) من أرض العراق (على فرسخين من الأنبار) وكان عبيد الله ابن زياد البكري من زعماء بكر بن وائل وسادات ربيعة ومعه عكرمة بن ربعي فأقبلا برايات بني ربيعة فالتحقوا بعبد الملك ودخلوا في طاعته وأضافوها إليه (٢)!
قال ابن قتيبة : وكان مصعب وعبد الملك قبل ذلك صديقين متحابّين متصافيين لا يعلم بين اثنين من الناس ما بينهما من الإخاء والصداقة! ولذا تقدّم اليوم هنا عبد الملك وبعث إليه : أن ادن منّي اكلّمك! فدنا منه وتنحّى الناس عنهما. فسلّم عبد الملك عليه وقال له : يا مصعب قد علمت ما جرى بيني وبينك منذ ثلاثين سنة من الصحبة والإخاء ، فو الله لأنا خير لك من عبد الله وأنفع لدينك ودنياك! فثق بذلك منّي وانصرف إليّ وخذ بيعة المصرين (الكوفة والبصرة) والأمر أمرك لا تعصى ولا تخالف. وإن شئت اتّخذتك صاحبا ووزيرا لا تعصى.
فقال مصعب : ما ذكرت من مودّتي وإخائي وثقتي بك ، فذلك كما ذكرته ولكنّه قبل قتلك لعمرو بن سعيد ، وبعد قتلك له فلا يطمأنّ إليك وهو أقرب منّي رحما إليك وأولى بما عندك فقتلته غدرا ، وو الله لو قتلته في محاربة لمسّك عاره ولما سلمت من إثمه.
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ١٠٦ ـ ١٠٧.
(٢) مروج الذهب ٣ : ١٠٧.