والله ما كاتبني حتّى كاتب غيري ، ولا امتنعوا عن إيصالها إليك إلّا للرضا به والغدر بك ، فأبدأ بهم ثمّ الق هذا الرجل ، فأبى ذلك مصعب.
ثمّ سار إبراهيم على مقدّمة مصعب متسرعة ومعه عتّاب بن ورقاء التميمي (١) والتقوا في أرض العراق قرب قرية مسكن على شاطئ دجلة ، وعلى مقدّمة عبد الملك الحجّاج بن يوسف الثقفي (٢) أو محمّد بن مروان أخو عبد الملك (٣).
وكان ممّن دخل في خيل مصعب من أهل الكوفة القاسم بن حبيب بن مظاهر الأسدي الفقعسي ، وقاتل أبيه البديل بن صريم التميمي العقفاني ، وكان ممّن فرّ من نقمة المختار إلى مصعب بالبصرة ، ولم تكن للقاسم همّة إلّا اتّباع أثر قاتل أبيه ليجد منه غرّة فيقتله بأبيه! فلمّا غرّة مصعب باجميرا (لغزو ابن مروان) دخل القاسم عسكره حتّى عرف فسطاط قاتل أبيه ، فأخذ يختلف إليه التماس غرّته ، حتّى دخل عليه نصف النهار وهو في قيلولته فضربه بسيفه حتى برد (٤).
ثمّ التقوا فاقتتلوا حتّى قرب المساء وقد أشرف إبراهيم على الفتح ، فحسده عتّاب التميمي فقال : يا إبراهيم ، إن الناس قد جهدوا فمرهم بالانصراف! فقال إبراهيم : وكيف ينصرفون وعدوّهم بإزائهم؟! وكان عتاب على ميمنته فقال له : فمر الميمنة أن تنصرف! فأبى ذلك إبراهيم ، فمضى عتاب إليهم وأمرهم بالانصراف فانصرفوا فأكبّت ميسرة الشام عليهم واختلط الرجال وصمدوا لإبراهيم وأسلمه من معه ، فنزل ودار به الرجال وازدحموا عليه واشتبكت عليه
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ١٠٤ ـ ١٠٦.
(٢) مروج الذهب ٣ : ١٠٥.
(٣) مروج الذهب ٣ : ١٠٦.
(٤) تاريخ الطبري ٥ : ٤٤٠ عن أبي مخنف ، عن حميد بن مسلم.