فاتّقوا الله ، فيجيبه الشاميون : الطاعة الطاعة! الكرّة الكرّة! ولمّا أحرقوا الكعبة قالوا : اجتمعت الحرمة والطاعة فغلبت الطاعة الحرمة (١)!
وقال المسعودي : تواردت أحجار المجانيق والعرّادات على البيت ملفوفة بخرق الكتان مغمّسة بالنفط مشعلة بالنار ، فاحترقت البنية وانهدمت الكعبة وذلك يوم السبت لثلاث خلون من شهر ربيع الأوّل من السنة المذكورة ، ووقعت صاعقة فأحرقت من أصحاب المجانيق أحد عشر رجلا ، وقيل أكثر من ذلك (٢).
وحاول الواقدي أن ينسب الحريق إلى إيقاد النار من قبل الزبيريين أنفسهم (٣).
هلاك يزيد وتبدّد الجنود :
كان ابن الزبير قبل حريق البيت العتيق يجلس بأصحابه في فسطاطه ، واحترق فسطاط بلاطه مع احتراق المطاف ، فأخذوا يجلسون في ناحية حجر إسماعيل يحتمون بالبيت أو بما بقي منه ، وكان الشاميّون لا يتركون أن يرموهم بالنبال ، ووقعت نبلة بين يدي الزبير فأخذوها ووجدوها مكتوبة كذا : مات يزيد بن معاوية يوم الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأوّل.
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٥١ ـ ٢٥٢.
(٢) مروج الذهب ٣ : ٧١ ، ٧٢ وقال وليزيد مثالب كثيرة : من شرب الخمر والفسق والفجور وسفك الدماء ، وهدم البيت وإحراقه ، ولعن الوصي ، وقتل ابن بنت الرسول ، وغير ذلك ممّا قد ورد فيه الوعيد باليأس من غفرانه ، كوروده فيمن جحد توحيده وخالف رسله. والنفط كما سيأتي إنما هو من الحجاج نقلا من البصرة وليس من الحصين نقلا من الشام أو المدينة.
(٣) انظر خبره في الطبري ٥ : ٤٩٨ وقارن بما قبله من خبر الكلبي عن عوّانة. وانظر نحو ذلك في الإمامة والسياسة ٢ : ١٤.