وكان خالد بن يزيد بن معاوية عند أبيه فالتفت يزيد إليه وقال له : يا بني إنّ ابن عمّك هذا! بعيد من الدنس والخبّ واللؤم والكذب ، ولو كان غيره كبعض من عرفت لقال : عليّ من الدّين كذا وكذا ، ليستغنم أخذ أموالنا! ثمّ أقبل يزيد على ابن الحنفيّة وقال له : بايعتني يا أبا القاسم؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين! قال : فإنّي أمرت لك بثلاثمئة ألف درهم! فقال محمّد : لا حاجة لي في هذا المال ولا جئت له! فقال يزيد : لا عليك أن تقبضه فتفرّقه فيمن أحببت من أهل بيتك! قال : قد قبلته يا أمير المؤمنين (١)!
وفد المدينة عند يزيد :
وفي موسم الحجّ لسنة اثنتين وستّين حجّ بالناس الوليد بن عتبة (٢) وكان يماكره ابن الزبير فمكر به وكتب إلى يزيد : أنّك بعثت إلينا رجلا أخرق ، لا يتّجه لأمر رشد ، ولا يرعوي لعظة الحكيم! ولو بعثت إلينا رجلا سهل الخلق ليّن الكتف رجوت أن يسهل من الأمور ما استوعر منها! وأن يجتمع ما تفرّق ، فانظر في ذلك ، فإنّ فيه صلاح خواصّنا وعوامّنا إن شاء الله ، والسلام.
فدعا يزيد ابن عمّه الآخر : عثمان بن محمّد بن أبي سفيان ، وبعث به إلى المدينة وعزل عنها الوليد ، وكان عثمان فتى لم يحنّكه السنّ ولم يجرّب الأمور حدثا غرّا.
فدعا عثمان بن محمّد رجالا كثيرين من الأشراف فيهم عبد الله بن حنظلة الغسيل الأنصاري ، والمنذر بن الزبير ، وعبد الله بن أبي عمرو المخزومي وبعث
__________________
(١) مقتل الخوارزمي ٢ : ٨٠ ـ ٨١.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٤٨١.