ابن الزبير! ولا أرى الجهاد مع ابن الزبير إلّا ضلالا! وإنّا إن نحن ظهرنا «رددنا هذا الأمر إلى أهله»! وإن أصبنا فعلى نيّاتنا «تائبين» من ذنوبنا! إنّ لنا شكلا وإن لابن الزبير شكلا.
ثمّ ساروا إلى هيت حتّى نزلوها فكتب سليمان جواب أمير الكوفة : بسم الله الرحمنِ الرحیم ، للأمير عبد الله بن يزيد من سليمان بن صرد ومن معه من المؤمنين ، سلام عليك ، أمّا بعد ، فقد قرأنا كتابك وفهمنا ما نويت ، فنعم ـ والله ـ الوالي ـ ونعم الأمير ، ونعم أخو العشيرة. أنت ـ والله ـ من نأمنه بالغيب ونستنصحه في المشورة ونحمده على كلّ حال ، إنّا سمعنا الله عزوجل يقول في كتابه : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ...)(١) فالقوم استبشروا ببيعتهم التي بايعوا ، إنّهم قد «تابوا» من عظيم جرمهم ، وقد توجّهوا إلى الله وتوكّلوا عليه ورضوا بما قضى الله (رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)(٢).
موقف قلعة قرقيسياء :
قرقيسياء القديمة تسمّى اليوم البصيرة في سورية عند مصبّ نهر الخابور على الفرات ، وكان عامل الأمويين عليها زفر بن الحارث الكلابي وله أبناء كبار. ومرّ الخبر أنّه كان مع سعيد بن العاص الأشدق في التفرّق بعد موت معاوية بن يزيد وقتل في معركة راهط أبناؤه وفرّ بمن تبقّى معه إلى قرقيسياء فتحصّن فيها.
__________________
(١) التوبة : ١١١ ـ ١١٢.
(٢) الممتحنة : ٤ ، الطبري ٥ : ٥٩٠ ـ ٥٩٣ عن أبي مخنف.