الخطمي أن يكتب إلى سليمان فيردّهم إلى اجتماع كلمتهم ، فدعا بالمحلّ الطائي وبعثه بكتابه فلحقهم بمنزل القيّارة ، فتقدّم سليمان أصحابه حتّى سبقهم ثمّ وقف وأشار إلى الناس فوقفوا له ، ليقرأ عليهم كتاب الوالي ، فإذا فيه : بسم الله الرحمنِ الرحيم ، من عبد الله بن يزيد إلى سليمان بن صرد ومن معه من المسلمين ، سلام عليكم ، أمّا بعد فإنّ كتابي هذا إليكم كتاب ناصح .. إنّه بلغني أنّكم تريدون المسير بالعدد اليسير إلى الجمع الكثير ؛ وإنّه من يرد أن ينقل الجبال عن مراتبها تكلّ معاوله ، وينزع وهو مذموم العقل والفعل! يا قوما لا تطمعوا عدوّكم في أهل بلادكم ، فإنّكم خيار كلّكم ، ومتى ما يصبكم عدوّكم ويعلم أنّكم أعلام مصركم يطمعهم ذلك فيمن وراءكم ، يا قومنا (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً)(١).
يا قوم إنّ أيدينا وأيديكم اليوم واحدة ، وإنّ عدوّنا وعدوّكم واحد ، ومتى تجتمع كلمتنا نظهر على عدوّنا ، ومتى تختلف تهن شوكتنا على من خالفنا! يا قومنا لا تستغشّوا نصحي ولا تخالفوا أمري وأقبلوا حين يقرأ عليكم كتابي ، أقبل الله بكم إلى طاعته وأدبر بكم عن معصيته ، والسلام.
فلما قرئ الكتاب على سليمان وأصحابه التفت إليهم وسألهم : ما ترون؟
فقالوا : قد أبينا هذا عليكم وعليهم ونحن في أهلنا ومصرنا ، فالآن إذ وطّنّا أنفسنا على الجهاد وخرجنا ودنونا من أرض عدوّنا (نعود)؟! ما هذا برأي! فماذا ترى؟ أخبرنا برأيك!
فقال : لا أرى أن تنصرفوا عمّا جمعكم الله عليه من الحقّ وأردتم به من الفضل ، إنّا وهؤلاء مختلفون ؛ إنّ هؤلاء لو ظهروا دعونا إلى الجهاد مع
__________________
(١) الكهف : ٢٠.