وكان زائدة بن قدامة الثقفي أيضا حاضرا فقام إلى ابن حريث وقال له : يأتيك على أنّه آمن؟! فقال ابن حريث : أمّا منّي فهو آمن ، وإن رقّي إلى الأمير عبيد الله شيء من أمره أقمت له الشهادة وشفعت له أحسن الشفاعة! فخرجا إليه وناشداه أن لا يجعل على نفسه سبيلا ، وأخبراه بقول ابن حريث ، فقبل منهم المختار ونزل بمن معه إلى راية ابن حريث حتى الصباح.
ولكن عين الأمويّين عمارة بن عقبة أخو الوليد بن عقبة سمع من الناس أمر المختار فرفع خبره إلى ابن زياد ، فلمّا أصبح ودخل عليه المختار دعاه فقال له : أنت المقبل في الجموع! لتنصر ابن عقيل؟! قال : لكنّي أقبلت حتّى نزلت تحت راية عمرو بن حريث وبتّ معه! فصدّقه ابن حريث ، ولكنّ ابن زياد رفع قضيبه وضرب به وجه المختار فشتر عينه وأمر به إلى الحبس فحبسوه (١)!
الكشف عن مسلم وقتاله :
بات مسلم في بيت طوعة ، وبات ابنها بلال بن اسيد الحضرمي حتى أصبح صباح يوم التروية الثامن من ذي الحجة الحرام لعام (٦٠ ه) ، ولعلّ بلالا سمع تطميع ابن زياد لمن يكشف عن مسلم بإعطائه ديته ، فسارع إلى مواليه بني الأشعث فالتقى بعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فأخبره بمكان ابن عقيل عند أمّه طوعة. وكان أبوه محمد بن الأشعث قد سارع إلى أميره ابن زياد فأقعده إلى جنبه ، فسارع ابنه عبد الرحمن إلى أبيه فسارّه بشيء ، فبادره ابن زياد فسأله : ما قال لك؟ قال : أخبرني أنّ ابن عقيل في دار من دورنا! فنخس بقضيبه في جنبه وقال له : قم الساعة فأتني به!
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٥٧٠ عن أبي مخنف.