محاولات أمير الكوفة :
مرّ الخبر أنّ عبد الله الأنصاري هو الذي وجّه التوّابين إلى جيش الشام ، وفوجئ إبراهيم التيمي بذلك فاتّهمه بالمداهنة والموادعة ، وكأنّه بدا له فاقتنع بوجهة نظر الأمير ، واليوم لمّا بلغهما خروجهم إلى المعسكر وتهيّؤهم للشخوص إلى الشام بثلث عددهم المتوقّع خمسة آلاف لأكثر من خمسين ألف ، وقد بلغهما إقبال ابن زياد نحو العراق ، نظر الأميران في ذلك فرأيا أن يأتياهم فيعرضا عليهم الإقامة فيكونوا يدا واحدة! وإلّا فيعبّئوا معهم جيشا يجبر لهم قلّة عددهم فيكثروا.
فبعثا إليهم سويد بن عبد الرحمان يقول لهم عنهما : إنّا نريد أن نجيئك الآن لأمر عسى أن يجعل الله فيه صلاحا لك ولنا. وقبل ذلك سليمان ، وقال لرفاعة البجلي : قم فأحسن تعبئة الناس فإنّ هذين بعثا بكذا ، ثمّ دعا رؤوس أصحابه ليكونوا حوله ، وجاء الأمير الزبيريّ الأنصاري في أشراف أهل الكوفة والشرط وكثير من مقاتليهم ، ولكنّه استثنى منهم الرجال المعروفين بالمشاركة في دم الحسين عليهالسلام وقال لهم : لا تصحبنّي إليهم مخافة أن ينظروا إليهم فيبدؤوا بهم ، وعلى رأسهم عمر بن سعد حيث كان معه في القصر مخافة أن يأتيه القوم في داره وبيته فيقتل ، واستناب بصلاة الظهر إن أبطأ خليفة ابن زياد : عمرو بن حريث المخزومي المعزول! وتبعه إبراهيم التيمي في جماعة من أصحابه.
فلمّا انتهيا إليه دخلا عليه ، فحمد الله عبد الله وأثنى عليه ثمّ ذكر الحديث : «إنّ المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يغشّه» ثمّ قال : وأنتم إخواننا وأهل بلدنا وأحبّ أهل مصر إلينا ، فلا تفجعونا بأنفسكم ولا تستبدّوا علينا برأيكم! ولا تنقصوا عددنا بخروجكم من جماعتنا. أقيموا معنا حتّى نتيسّر ونتهيّأ ، فإذا علمنا أنّ عدوّنا قد شارف بلدنا خرجنا إليهم بجماعتنا ، وقال إبراهيم مثله ، وانتظرا جواب سليمان.